واحد من أعضاء ما يسمى «بمجلس الحكم الانتقالي» في العراق، لاحظ (والعهدة على الفضائية التي نقلت هذا الامر) أن قوات الاحتلال الامريكي، التي لا يعتبرها هكذا بالضرورة، تفرط في استخدام القوة وفي الاعتقالات العشوائية التي لا مبرر لها، وان هذه القوات، تقوم بممارسات قمعية ضد العراقيين والعراقيات وتعتدي على الحرمات... وهل كان هذا «المسؤول» الهمام ينتظر غير ذلك من قوات احتلال؟ من «مزايا» رجال الادارة الامريكية الحالية، إنهم يقولون كل شيء بوضوح، وهم استهدفوا العراق منذ البداية، لاغراض تتعلق بالاستراتيجية الامريكية، سواء منها المتعلقة بالسيطرة على أهم منابع النفط، أو تلك المتعلقة بالدور الامريكي في المنطقة، وبالتصور الامريكي لهذه المنطقة ولمكانة اسرائيل فيها... ولم يتحرك الامريكيون تجاه العراق، «لتمرير» المراقبين أو فتح أبواب «الديمقراطية» لهم. الامريكيون تحركوا نحو العراق، يسبقم نهمهم، إزاء خيرات وإمكانيات ذلك البلد، وهم مصمّمون على الاستحواذ عليها، بعد أن غامروا بفرض الامر الواقع على المجتمع الدولي، وبدأوا بإعداد الرأي العام وخاصة في الولاياتالمتحدةالامريكية وبريطانيا، لتقبّل بقاء القوات الامريكية والبريطانية طويلا، ولسنوات في العراق... قصة طويلة سوف تكون للامريكيين في العراق، عمودها الفقري هو المصالح الامريكية في ذلك البلد وفي كل المنطقة المحيطة... أما العراقيون، فإن نصيبهم، وفي بداية هذه القصة فقط هو مجرد التلويح بوعود بشأن «الحرية» و»الديمقراطية» و»التعددية»، وغير ذلك من الشعارات التي لا تجد من يصدّقها أو يطالب فعلا بتنفيذها، غير تلك الفئة المنبوذة التي وظّفت إدارة الاحتلال عناصرها، للترويج لهذه الوعود... وهي فئة يحتاج خدماتها كل احتلال، ترتبط به، وتكون في غالب الاحيان، اليد التي ينفذ بها احتلاله، ولكنها تنتهي معه، وتظل موسومة بأقبح الجرائم، وهي خيانة الوطن... قصة الامريكيين في العراق، ستكون طويلة، وهي لاتزال في فصولها الاولى، ولكنها «فاجأت» على ما يبدو، أحد أعضاء «مجلس الحكم الانتقالي»، الذي اختار بوش وبريمر أعضاءه واحدا، واحدا، وكلّفوهم، بالتغطية على جرائم الاحتلال. وهل كان العضو «الهمام» ينتظر غير تلك الممارسات من قوات احتلال؟ معاناة العراقيين ستكون طويلة أيضا، وما ممارسات الاحتلال الدموية التي يعايشها هؤلاء إلا بداية ليل طويل، ذلك قدر العراقيين، كما الفلسطينيين. ولكن هذا الليل لن يكون بدون أفق. تلك أيضا حتمية التاريخ. والمقاومة اليوم، في عنفوانها، رغم ما حدث، تظل واعدة ومبشّرة بالضياء، مهما طال هذا الليل.