أرغمت عمليات المقاومة العراقية المتصاعدة ضد قوات الاحتلال الأمريكي البيت الأبيض على التراجع عن خطط سابقة بشأن مستقبل العراق بمنح العراقيين سلطة حكم أنفسهم مع حلول منتصف العام المقبل. وعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش أمس أنه طلب من الحاكم الأمريكي في العراق بول بريمر وضع استراتيجية لتسريع نقل السلطة الى العراقين. وقال الرئيس للصحافيين غداة محادثاته مع بول بريمر في البيت الأبيض : نريد أن يشارك العراقيون بصورة أكبر في ادارة بلادهم. وأضاف : السفير بريمر عاد الى العراق مع تعليماتي لبحث استراتيجية مع مجلس الحكم الانتقالي وسيطلعها على ذلك بعد مشاورات مع الذين نرغب في رؤيتهم يتحملون مزيدا من المسؤوليات في العراق. وقال مسؤولون أمريكيون ان المناقشات التي أجراها الرئيس جورج بوش وكبار مساعديه مع الحاكم الإداري-العسكري في العراق بول بريمر قد أسفرت عن تبني خطة على مرحلتين، تدعو إلى تنفيذ أسرع لجدول زمني يتضمن إقامة حكومة عراقية من خارج مجلس الحكم المعين الذي تتهمه واشنطن برداءة الأداء، وإجراء انتخابات في النصف الأول من العام المقبل وتسليم السلطة المدنية إلى حكومة عراقية مؤقتة قبل كتابة الدستور العراقي الجديد. وقد غادر بريمر واشنطن التي استدعي إليها على عجل للمشاورات، إلى العراق يوم الأربعاء للتشاور مع القيادات العراقية في مجلس الحكم وخارجه حول كيفية تنفيذ الخطة الجديدة. وقالت مصادر أمريكية أن بريمر يحمل معه أيضا أفكارا مرنة حول الكيفية التي ستجري وفقها إدارة العراق. وقد أعرب أعضاء في مجلس الحكم عن رفضهم أي خطة لكتابة دستور جديد في الأشهر القليلة المقبلة قائلين بأنهم سيقترحون بدلا من ذلك التسلم الفوري لسلطات حكومة انتقالية، معربين عن امتعاضهم إزاء تركز السلطة الفعلية بيد سلطة الاحتلال المؤقتة. ويرى مراقبون أن البيت الأبيض طبقا للخطة الجديدة يكون قد تبنى الاقتراح الفرنسي الذي كان رفضه في السابق والذي يدعو إلى تشكيل قيادة عراقية مؤقتة بمجلس يتم وضعه يمثل كافة المحافظات والمناطق العراقية والوجهاء والأعيان والشخصيات السياسية على غرار ما تم في أفغانستان فور احتلاله بعد الإطاحة بنظام حكم طالبان. وقال مسؤولون أمريكيون أن نقل السلطات المدنية إلى حكومة عراقية مؤقتة لا تعني بأي حال انسحاب القوات الأمريكية على الفور من العراق، ولكنها ستظهر للعراقيين أنهم يمارسون حكم أنفسهم بأنفسهم وسيمكن الحكومة العراقية الانتقالية الطلب من الأمريكيين خفض قواتهم في العراق في الأشهر القليلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وستتضمن الخطة الأمريكية إجراء انتخابات «من نوع ما» لجمعية وطنية (برلمان) في العام المقبل يقوم باختيار حكومة انتقالية وكتابة دستور، تعقبه دورة ثانية من الانتخابات طبقا لنصوص الدستور الجديد.