تعد دار المنستيري أو المستيري من أجمل الدور الموجودة بمدينة تونس، بنيت في بدايات القرن التاسع عشر ميلادي من طرف الأمير حسين ابن محمود باي (18141824). وتضيف المصادر التاريخية أن الأمير حسين أهدى الدار الى المدعو امحمد المنستيري الذي ورثها عنه ابنه محمد، ويقول ابن أبي الضياف ان هذا الرجل كان من أعيان المدينة ويمارس مهنة «الشواشي» ثم أسندت اليه عدّة مهام ادارية نظرا لحسن سلوكه، والتزامه المهني وشدة حرصه على الايفاء بتعهداته، وأضاف ابن ابي الضياف: «كان الرجل مثاليا في سلوكه وعقلانيا في تعاملاته، وقد فاجأته المنية يوم 31 أكتوبر 1821م». أغراض مختلفة وفي فترة الحماية الفرنسية استخدمت الدار في عدة أغراض منها مدرسة للفنون والمهن (1924)، وديوان لتدريس الصناعات التقليدية (1933)، ثم تحولت الى مركز جهوي للفنون التونسية عام 1940. وتعتبر الدار الجزء الرئيسي من بناية توجد بين نهج المنستيري ونهج سيدي محرز ونهج القمرتي ونهج القرمتو، وهي قريبة من جامع سيدي محرز. ومن أجل انقاذ الدار التي تداعت بشكل مخيف وظلت مغلقة لفترة طويلة نسبيا، قام المعهد الوطني للتراث بإشراف من وزارة الثقافة والشباب والترفيه بترميم الدار بطريقة منهجية وعلمية من قبل مختصين في الميدان. ترميمات جوهرية وانطلقت أشغال الترميم والاصلاح في عام 1992 حيث تم في البداية انقاذ الأسس والأعمدة والجدران المتداعية، لتعود الدار الى وضعها الأصلي، ثم قام المختصون بعمليات ترميم جوهرية وأساسية أعادت الى المكان بهاءه ورونقه وجماله، ومن المنتظر ان تصبح الدار بعد اتمام آخر التحسينات وعمليات التجميل النهائية مقرا لاحدى الادارات. وذكرت السيدة راضية بن مبارك رئيسة فرع المواقع الثقافية والمجموعات التاريخية والتقليدية ان الاعتمادات المالية المكثفة في السنوات الأخيرة ساهمت في القيام بعدة مشاريع للترميم وللاصلاح وانقاذ المزيد من الدور والمنازل والقصور داخل مدينة تونس. ومن الناحية الهندسية تتميز دار المستيري بجمال بابها الرئيسي الذي يعتبر فعلا تحفة فنية قائمة بذاتها، ويضاف الى هذه الميزة الفناء الجميل والسقيفة المقببة، و»النقش حديدة» ومسائر البيوت والقاعات ذات المقاصر، ومن أجل اعطاء المكان الهيئة الهندسية والجمالية التي يستحقها قام مختصو معهد التراث بإعادة تشكيل البناء في كل تفاصيلها كما كان في السابق بهدف المحافظة على الروح الحضارية والتراثية والجمالية للدار.