شهدت مدينة صفاقس أمس، حراكا غير عاديّ، على خلفية إلقاء القبض على عنصرين ناشطين في اعتصام القصبة II بصفاقس، وقد أجمعت الوقفة الاحتجاجية أمس كما الاطراف المتدخّلة على أن التّهم مفبركة... وباطلة... نظمت أمس هيئة اعتصام القصبة بصفاقس وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة الابتدائية بالجهة بمشاركة كافة أطياف المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات ومنظمات المطالبة باطلاق سراح المعتقلين على خلفية اعمال العنف التي شهدتها المنطقة. وقد اعتبر معتصمو القصبة بصفاقس في اتصال لهم بالشروق أن التهم الموجهة الى بعض المعتقلين وخاصة منهم التابعين للاعتصام هي تهم ملفقة تدعّمها أيادي خفية هدفها افشال أهداف الاعتصام وتشويه هذا الشكل النضالي «الراقي» و«السلمي» باشادة مسؤولين سامين بالجهة وبانساب هيئته أعمال تخريبية وارهابية لادخال الجهة في حالة من الفوضى والانفلات باستعمال أفراد لا ينتسبون للاعتصام لا من قريب ولا من بعيد، وعبّروا عن رفضهم العودة للممارسات الامنية القمعية تجاه المناضلين الوطنيين وطالبوا بضرورة اطلاق سراح الموقوفين الاثنين والكف النهائي عن تتبعهما عدليا وحفظ القضية نهائيا في حقهما. اتصلنا بالأستاذ عبد الوهاب معطر (أستاذ جامعي في القانون ومحام لدى التعقيب) باعتباره المحامي المباشر لقضية الموقوفين التابعين لهيئة الاعتصام حيث أكد أن القضية مفبركة من ألفها الى يائها وأن أعمال العنف و«المولوتوف» الموجودة في الملف وعلى فرض وقوعها فهي قد صدرت عن اشخاص منحرفين وكانوا بحالة سكر عندما قاموا بتلك الاعمال وذلك باقرارهم لدى قاضي التحقيق الا أن أحدهم (أحد المنحرفين) ادّعى أن من حرّضه على ذلك هي هيئة اعتصام القصبة 2 بصفاقس وعلى هذا الاساس وقع اعتقال عنصرين هامين من الهيئة اعتمادا على مجرّد تصريح شخص لا علاقة له بالشأن العام ولا بالحراك الشعبي وهو خريج سجون.وأضاف الاستاذ عبد الوهاب أنه من الأرجح ان تكون لهذا المتهم علاقات وطيدة مع المؤسسة الأمنية بالجهة وببعض رجال الاعمال في عهد «بن علي» حرّضوه على اتهام هيئة الاعتصام لتشويه الطابع السلمي له الذي انطلق منذ 5 جويلية 2011 ولم يحدث إبّانه أية اعمال عنف حتى عند تسيير مظاهرة سلمية ضخمة يوم 15 جويلية 2011. وقال: «إن ما يلفت الانتباه هو أن قاضي التحقيق وعلى الرغم من مطالبتنا إياه بمكافحة عضوي هيئة الاعتصام الموقوفين هو الشخص الذي اتهمهما تعلل بعدم امكانية ذلك في مرحلة أولى فاتفقنا معه على اجراء هذه المكافحة صبيحة الخميس 28 جويلية (أمس) فما راعنا إلا أنه (قاضي التحقيق) يعلمنا أن الأمر أصبح يتجاوزه إذ أنه امر باخراج عضوي الهيئة من السجن لمكافحتهما الا أن ادارة السجن بصفاقس لم تجلبهما له» وأضاف الاستاذ معطر انه باتصالهم بالسيد نائب وكيل الجمهورية أعلمهم أنه وقع نقل المظنون فيهما الى سجن تونس دون تحديد مؤكدا في ذلك خرق كبير للقانون ولحقوق المتهم والدفاع باعتبار أنهما على ذمة التحقيق ولا يجوز قانونا اخراجهما من مدينة صفاقس الا بعد صدور الحكم النهائي ضدّهما. وهو ما اعتبره الاستاذ عبد الوهاب معطر محاولة لاخفاء الحقيقة بواسطة المكافحة وأخذ الوقت اللازم للتنكيل بهما ولتثبيت الواشي بهما في مواقفه وهو ما يدلّ على أن الوضع القضائي والأمني في تونس لم يتغيّر وأننا بمحض قوى ردّة بصفاقس تحاول تعكير الوضع واستفزاز المواطنين ومنع العدالة من أخذ طريقها الصحيح. الاعتصامات مؤطّرة والاتهامات باطلة من جهته أبدى السيد سمير الشفي (الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي بصفاقس) استغرابه من التهم التي وجهت الى «المناضلين» و«الناشطين» الحقوقيين بالجهة وأكّد أن التهم خطيرة ولا علاقة لهما لا من قريب ولا من بعيد بهذه الملفات ذات الصبغة الامنية والاجرامية مثلما تدعي الجهات الامنية بالمنطقة. وقال انه لابدّ من الوقوف عند الجانب التاريخي لمسألة الاعتصام الاول في صفاقس والذي كان نموذجا للعمل الوطني الجامع حيث ان اعتصامات الجهة كانت مؤطّرة وفي كنف الالتزام والانضباط المطلق ولم يسجّل على المعتصمين أي خرق بل أن كل الأطياف المشاركة نظمت عشرات المسيرات بمشاركة عشرات الآلاف من المواطنين من أبناء الجهة ولم يخرج أي تحرّك عن اطار الطابع السلمي والاحتجاجي وذلك من منطلق الايمان بأن دولة الحرية والكرامة ترفض العنف بل هي قامت اساسا للتصدّي لعنف ولدولة الاستبداد وأجهزتها القمعيةونعتقد أن هذه المهمة لازالت مطروحة على كل شرفاء هذا الوطن من أجل استكمال أهداف الثورة المجيدة عبر تطهير مختلف مؤسسات الدولة من الوجوه المرتبطة مصلحةونفوذا بالنظام البائد. هجوم مضاد وأوضح السيد سمير امكانية أن تكون هذه الاتهامات التي طالت عديد الوجوه المحسوبة على قوى ثورة 14 جانفي تندرج في اطار الهجوم المضاد الذي تشنه القوى المعادية للثورة وانتهز هذه الفرصة للدعوة من أجل وضع حد لمثل هذه الأساليب القديمة واطلاق سراح كل المناضلين بالجهة وخارجها. وتأسيسا على ذلك دعا السيد «الشفي» كافة القوى السياسية والوطنية بالجهة وبالبلاد الى ضرورة التوحّد للتصدي لعودة ممارسات النظام البوليسي الاستبدادي وما يمثله ذلك من خطر على أهداف وتطلعات شعبنا العظيم وأكد على رفضه للعنف بصفة مبدئية أيا كان منطلقه وايا كان أصحابه وأشار أنه على الحكومة المؤقتة ان كانت جادّة في الوفاء بإلتزاماتها التي قطعتها أمام الشعب ان تعجّل بمحاكمة القتلة والمجرمين الحقيقيين الذين أجرموا في حق الشعب وأن تحاكم المفسدين الذين خرّبوا ونهبوا كل مقدّرات هذا الشعب وأن تبتعد عن سياسة الانحياز لأطراف سياسية مرتبطة جوهريا بنظام «بن علي». وكانت «الشروق» قد اتصلت أمس الاول بمصدر أمني بجهة صفاقس حيث أكد أن أعوان الوحدات النشيطة لادارة أمن اقليمصفاقس وفرقة التدخل السريع اوقفت شخصين تابعين لهيئة الاعتصام وتمت احالتهما على حاكم التحقيق بالجهة حيث أصدر في شأنهما بطاقة إيداع بالسجن من أجل جرائم تكوين عصابة بقصد التحضير للاعتداء على الاشخاص والاملاك واعانة افارادها بالمال وصنع مواد وآلات حارقة واضرام النار عمدا بمنقولات على ملك الغير والاضرار بملك الغير وتم ايداعهما بالسجن المدني بصفاقس، وان ايقافهما كان نتيجة اعترافات بعض المنحرفين الذين تم ايقافهم الاسبوع الفارط.