يمكنني القول بكل تواضع أنني من بين القلّة الذين حاوروا عثمان جنيح في سنوات الجمر عندما كان النجم الساحلي مستهدفا. كان الفريق مستهدفا ككيان قبل أن يكون مستهدفا كفريق وأذكر أن الحديث كان يطول أحيانا ليتجاوز الثلاث ساعات فيه ما نشر وفيه ما لم ينشر. محطات عديدة عشنا تفاصيلها وفصولها بدءا بقضية حسان القابسي وصولا الى ملف عبد القادر كايتا والحرب التي تواصلت لسنوات عديدة مع سليم شيبوب. في كل هذه المحطات كان اسم الدكتور حامد القروي يتردد باعتباره شخصية محورية لعبت دورا رئيسيا في حياة عثمان جنيح سواء في البدايات أو في الخواتيم كما يقول الزميل الشوالي. ولعلي أذكر كما يذكر بعض الذين حاوروا الرئيس السابق للنجم الساحلي كم كان يشكو من الظلم الذي تعرض له من خصومه في الساحة الرياضية وفي بعض دهاليز السلطة وهو ظلم وصل حد الزامه بعدم التشبث بخيط التتويج بعد الاحتراز على لاعب الافريقي ماهر عامر وصدور قرار سياسي بانهاء الجدل القانوني الذي كان لصالح النجم وتكريس فوز النادي الصفاقسي. الفرامل الكابحة اليوم لا نسمع صوت عثمان جنيح في هذه الأزمة التي تتقاذف سفينة النجم الساحلي الا في ما ندر وفي «خرجات» محسوبة بدقة بينما الوضع يستدعي التدخل لقول كلمة فصل تجمع ولا تشتت شمل عائلة رياضية عريقة . شخصيا فوجئت بما حدث في اجتماع خلايا الأحباء ولم أكن أتوقع أن تصل الأمور الى هذه الدرجة لأن الفرامل الكابحة لمثل هذه الانفلاتات كانت على الدوام قائمة.. اسمها حامد القروي وعثمان جنيح وعبد الجليل بوراوي ومعز ادريس وحمادي المستيري أي أولئك الكبار الذين تداولوا على المسؤولية ورفضوا دوما الوصول الى حافة الهاوية أي الى حافة الصدام بين أبناء العائلة الواحدة. المحظور حدث وما كان يجب أن يحدث فعلا وأعترف بأنني استغربت وحزنت الى حد كبير وأنا اقرأ ككل المتابعين للشأن الرياضي عن الذي جرى في حي الرياض بمدينة سوسة لأنه سابقة بالفعل و لم يحصل في تاريخ النجم الساحلي أن تطاول أبناء الفريق على بعضهم البعض بالكلام فما بالكم والاحتقان يصل الى حد التشابك بالأيدي. بيان المعلم حامد القروي رغم ما حدث وهو مؤلم بكل المقاييس فان شعرة معاوية لم تنقطع حسب رأينا المتواضع لأن «الأصل» سيغلب الشاذ وصوت العقل والحكمة سينتصر على لغة الانفعال والتشنج ولأن النجم لا يمكن أن يعيش في أجواء كهذه. نعود الى تجربتنا المتواضعة مع الرجل لنقول أنه لم يسبق مطلقا أن تطاول على الصحافة والاعلام أو سمح لأحد من المحيطين بفعل ذلك علنا بل أن من النوادر التي كان يرويها لنا ما يفيد بأنه كان يصافح صباحا من انتقده بشدة في اليوم السابق لأن النقد جزء من العمل الصحفي ولا يمكن تحميله أكثر مما يحتمل. الان وقد رحل تأثير سليم شيبوب وهو خصم عنيد كان يفرض حدا أدنى من الانسجام هل أن المنطق يقضي بالتحام أكبر بين أبناء النجم الساحلي أم بمزيد من الفرقة؟ هل أن جوهر الموضوع هو الخلاف الشخصي بين عثمان جنيح ومعز ادريس أم أنه مصلحة هذه المدرسة الرياضية العريقة؟ بماذا نفسر تأثر عثمان جنيح الى حد البكاء وهو يقرأ بيان (معلمه) السابق حامد القروي بعيدا عن المشكل مع الابن ؟ أليس هذا دليلا بأن شخصا في قامة القروي هو بالفعل المرجع للجميع ونقطة الفصل بين المختلفين وهذه هي القناعة الداخلية لعثمان جنيح؟ يقول زولا «ان أخرست الحقيقة ودفنتها تحت الأرض فسوف تنمو وتنبت» والحقيقة التي نراها ويراها الكثير من المتابعين لأوضاع النجم الساحلي حاليا هي الحاجة الملحة والأكيدة الى فتح صفحة جديدة قائمة على المصالحة وعدم المسّ بالرموز والصراع المتحضر بالأفكار فالاختلاف صلب العائلة الواحدة ليس الا علامة صحية. الحقيقة في حالة النجم الساحلي هي ضرورة التوافق على على توجه مشترك ونبذ الاقصاء والعنف واستقطاب طاقات جديدة وعدم الاستماع لمن ينتعشون من ايقاد الحرائق والنفخ في لهيب الفرقة.. هذا اللهيب الذي يمكن أن يحترق به الجميع بدون استثناء. فرصة تاريخية أعود الى عثمان جنيح الذي عرفته لأقول.. نحن نعلم انك تقدر الناس حق قدرهم بمن فيهم من تعتبره( ألد أعدائك) ونظن أن الفرصة مواتية في هذه الجلسة العامة الخارقة للعادة لنرى الوجه الجميل للنجم الساحلي أي ذلك الوجه الذي يتيح جمع كبار الفريق حول طاولة واحدة.. بين عائلتهم الكبيرة وإرسال رسالة واضحة للجميع عنوانها نهاية هذا الفصل الحزين من الاختلاف والتشكيك في النوايا والتراشق بالاتهامات.. لتكن دعوة مفتوحة للجميع في هذه الجلسة العامة المفصلية.. للدكتور القروي.. لحمادي المستيري.. لمعز ادريس وليت الدكتور حامد كمون يكون المبادر الى هذه الحركة الانسانية الرشيقة.