حواجز شائكة وحديدية... أسوار وجدران صخرية... كاميراوات مراقبة، وأجهزة حراسة في كل مكان... تلك هي الملامح الجديدة للمؤسسات التونسية والمساحات الكبرى وحتى الفيلات... هي «حمى» اتقاء شرّ السرقات والاعتداءات التي تسبّبت في خسائر كبري، لا سيما مع غياب الأمن وارتفاع معدّلات الاعتداءات والسرقات... «الشروق» رصدت ملامح ظاهرة «التحصّن» وتأمين المؤسسات... كما حاولت معرفة التكلفة وأبرز معطيات التكنولوجيا الحديثة في عالم المراقبة. اقتربنا من «جيان» هذه المساحة التجارية الكبرى التي شهدت انتعاشة قبل الثورة، فتفاجأنا بالاسوار الممتدّة والمحيطة بالفضاء التجاري. جدران وحواجز حديدية... وتدعيم لجهاز الأمن والحراسة في «Geant» تلك هي العلامة البارزة التي يلاحظها الحريف. ولدى حديثنا مع مصدر مسؤول من هذا الفضاء أكّد لنا أن أجهزة الحماية والحراسة قد تغيّرت بعد الثورة... وأن الاحتياطات الامنية قد ارتفعت... كما تم التحسين في شروط وخصائص أعوان الحراسة، ومضاعفة عدد كاميراوات المراقبة ونوعيتها. ووصلت الميزانية المخصصة للحراسة وتأمين هذا الفضاء التجاري حوالي 600 ألف دينار... ويؤكد محدّثنا أن «جيان» كان يتمتع باحتياطات وأجهزة حراسة قبل الثورة... وأنه قام بتركيز مركز حرس في أرض المركز التجاري... لكن الشهرة والخسائر التي تكبدها الفضاء جعلت الاحتياط يتضاعف... حيث ارتفع عدد الكاميراوات الذي كان يبلغ 140 كاميرا بحوالي 30٪. ويذكر أن الخسائر المقدرة بهذا المركز وصلت 50 مليون دينار بالنسبة الى خسائر جيان... وأما خسائر التجار المتسوغين لفضاءات فقد بلغت 20 مليون دينار. حراسة... وتكنولوجيا جولتنا تواصلت بمؤسسات أخرى وببعض الأحياء الراقية وحتى الشعبية، لنلاحظ ارتفاع الاسوار... وبروز الحواجز الحديدية المركّبة حديثا بالنوافذ... اضافة الى بروز حراس أمام بعض المؤسسات والفيلات لم يكونوا موجودين سابقا. وفي حديث مع السيد أنيس حميدة صاحب شركة مراقبة إلكترونية ذكر أن الزيادة في الإقبال على اقتناء معدّات الحراسة والأمن قد ارتفع بنسبة تتراوح بين 20 و40٪. وشهد الاقبال على هذه المنتجات خاصة بمحطات توزيع البنزين ثمّ بالمحلات التجارية تليها الشركات وبدرجة أقل الفيلات الفخمة. وفي نهج أثينا تنتشر بعض المحلات المختصّة في تركيز وبيع تجهيزات الحراسة الالكترونية... هناك التقينا السيد نابغ ذويب (صاحب شركة خدمات) ومتخصص في الاعلامية والتكنولوجيا. وأكّد نابغ ارتفاع اقبال التونسيين على تأمين متاجرهم ومصحاتهم ومؤسساتهم ومنازلهم... وتوقع ارتفاعا مضاعفا في السنوات القادمة وقال ان التطوّر التكنولوجي جعل من عملية تركيز أجهزة مراقبة عملية سهلة وفي متناول الجميع. أما فيما يتعلق بأحدث الوسائل التكنولوجية للرقابة فيقول نابغ إن هناك اجهزة مراقبة مرتبطة بالشبكة العنكبوتية الانترنت ويمكن من خلالها لصاحب المحل او المؤسسة متابعة ما يجري من أحداث من أي مكان وعن طريق الهاتف الجوّال... ويمكن لجهاز الرقابة اطلاق انذار يصل الهاتف ويحذّر صاحبه من وجود سرقة او حركة غريبة... وتمكن هذه الطريقة من رؤية كل ما يجري في المكان المحروس بواسطة كاميراوات مراقبة مركزة... الطريق أن أجهزة المراقبة يمكن ان تكون خفية (كاميراوات خفيّة)... كما يمكن أن تكون بطريقة تموّه اللص والسارق. ويذكر محدثنا ان أسعار هذه الاجهزة تنطلق من 1200 دينار... وأنها متوفرة بكثرة. قطاع ومشاكل يعاني قطاع الحراسة الذي يشهد اقبالا كبيرا من التونسيين من بعض المشاكل... حيث يقول نابغ إن الاداءات الجمركية تجعل من تكلفة أجهزة الانذار تتضاعف... حيث تسلط أداءات كبرى على الكاميراوات وتعامل ككاميرا عادية... وبين أن الجهاز الذي يباع ب 1200 دينار يمكن أن يباع ب 600 دينار لولا الاداءات وتصنع هذه الأجهزة أساسا بالصين... وهي الاجهزة الاكثر حداثة... وتعمل هذه الاجهزة ليلا نهارا وباستعمال الاشعة تحت الحمراء... أما تصنيع هذه المواد في توسن فهو غير مجد ماديا حاليا. وللاشارة ساعدت اجهزة المراقبة في القاء القبض على الكثير من المعتدين وفي كشف الكثير من خيوط السرقة. أما محمد (حداد) فقد أكد ان عمله قد ازدهر بعد الثورة بازدياد الطلبات المتكررة بصناعة حواجز حديدية للابواب والشبابيك. ويبقى ازدهار هذه الظاهرة بالنسبة للكثيرين ظاهرة غير صحية نظرا لما تمثله من علامات «الخوف» عن التونسي وغياب الشعور بالثقة والأمان.