أحيت فرقة أولاد المناجم السهرة الثانية عشرة من «أوتار الليل» الرمضانية، التي أقيمت بنجاح في الفضاء الخارجي لدار الثقافة القلعة الصغرى. وقد حملت الفرقة في مضمون برنامجها تحديا مغايرا لهزم عش الظلام تحت شعار: «ماذا نقول وماذا نريد... نريد الحياة بلا ظالمين...» قدّمت للغرض، المجموعة بقيادة الفنان المناضل والملحن المتميز» صالح التومي، باقة من الاشعار والقصائد التي امضاها ثلة من شعراء تونسيين على غرار: رضا الماجري، آدم فتحي، عبد العزيز ضو، بلقاسم اليعقوبي، عمار عمراني... وغيرهم فتماسك الحفل اشبه بقافلة غضب وامنيات وتحايا الى «أم الشهيد» عبر صرخة أمّ ثم نشيد الشعب، كفاية يا صديق وأغنية «البطال» اضافة الى اهداء رائع الى كل مرأة تونسية من خلال أغنية «أنت يا ورد... أنت يا فلة» فتفاعل مع نبضاتها قلب كل ام وامرأة وشابة حضرت السهرة التي امتلأت بالعنصر النسوي وهو مؤشر طيب للغاية يحسب لهيئة الاشراف لحسن اختيارها لفقرات «أوتار الليل» وترا... وترا... يتواصل التألق وتتلألأ زوايا الفضاء بقناديل الثورة ويزيد أعضاء الفرقة (كريم اللم، الصادق براهمي، صلاح الدين الزنايدي، محمد الطبابي وعلي السعيد) في جرعة البرنامج ضمن الشوط الثاني من السهرة عبر التغني ب «صوت الشعب» في «الداموس» ثم «دز النح» وشهادة تاريخية في شأن الثورة التونسية «أشهد يا عالم علينا وعلى بيروت... اشهد على الثورة التونسية...» ثم ردّد الجميع «ناري على فسفاط المينة... ناري على زيتون الساحل... وين الدقلة والفسفاط.. وين صابة الزيتون؟؟؟... هريسة وطماطم معجون... واحنا نمشو... للسجون...». وفرقة أولاد المناجم العريقة في الزمان والمكان هي وليدة الاوضاع المزرية التي يعيشها عمّال دواميس الفسفاط... وهي صوت الطبقة الشغيلة منذ ما يزيد على التسع والثلاثين سنة من الكفاح الغنائي... هي أشبه بفرقة عمالية ببدلات زرقاء لأصيلي ام العرائس من ولاية قفصة... استطاعت رغم الحصار الذي نفذه عليهم أباطرة الزمن البائد ان يفتكوا مكانهم قلب القمر ويسطعون بأصواتهم الشاهقة منادين بالحرية وكرامة الانسان مخلدين مجد الشهداء... وفي هذا الصدد عادت الفرقة ومعها برنامج مستقبلي وغنائي ثري واستثنائي ومرآة عاكسة لاختلاجات وأحاسيس المواطن التونسي المحتاج والفقير والعامل... وفي ذات الصدد جالت الفرقة كل المدن التونسية لعرض أعمالها الثورية من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال... وفرضت حضورها في معظم المهرجانات الصيفية والليالي الرمضانية التي وصل عددها الى 41 عرضا وقد أفادنا قائد الفرقة الاستاذ والفنان: صالح التومي ان الفرقة قد اصدرت جديدها متمثلا في ألبوم 2011 تحت عنوان «صرخة أم»... يستمر البهاء وتتوغل فرقة أولاد المناجم نحو تخوم الردهات الاخيرة فغنت عن «السجين» و«الخبزة» واختتموها جميعا مع الجمهور ب «يا ثوار العالم... يا كل الثوار... اتحدوا» مؤكدين بذلك جداراتهم بالصعود على مختلف خشبات المسرح صيفا ورمضان بعديد المناطق في الداخل والشمال والساحل... ولعمري ان سهرة القلعة الصغرى ستبقى خالدة في الأذهان... بشهادة المتفرجين الكثيرين الذين تماسكوا بمقاعدهم لاكمال ما جادت به حناجر فرقة أولاد المناجم وقد أبرزت لنا مديرة دار الثقافة القلعة الصغرى في تطرقها على الاختيارات في الدورة الخامسة من أوتار الليل أنها برمجت استجابة لانتظارات مختلف الأذواق والشرائح الاجتماعية... ووفق ميزانية معقولة الى جانب الدعم القوي واللامشروط من لدن مندوبية الثقافة بسوسة التي تكفلت باقامة وإعاشة الفرق القادمة للقلعة لتقديم عروضها التي كانت في معظمها مدعّمة من وزارة الثقافة ونيل القلعة الصغرى النصيب الوافر منها... وتوجهت مديرة الدار: إكرام السهيلي اليعقوبي بالشكر الجزيل لتفاعل سمّار الليالي بالقلعة الصغرى مع فقرات اوتار الليل هاته السنة... وارسال تحية خالصة للأمن الوطني والشرطة على وقفتهم وسهرهم حتى تنتظم العروض في أحسن الظروف.