رسميا.. هذا أول المتأهلين إلى ربع نهائي كأس العرب 2025    كاس العرب للفيفا 2025 - المنتخب التونسي يطارد الفوز على قطر ويترقب هدية من سوريا لحسم التأهل    وزارة الداخلية تفتح مناظرة خارجية لانتداب 280 عريفا بسلك الحماية المدنية    مفزع/ ارتفاع حالات ومحاولات الانتحار في تونس..    حجز 956 قطعة مرطبات و11 طنا من المواد الغذائية غير صالحة للاستهلاك..    عاجل: مع اقتراب رأس العام، حجز أطنان من المواد الغذائية الفاسدة بعدة ولايات    عاجل: تونس تتعرّف على منافسيها في مونديال 2026 و هذا برنامج المقابلات !    كأس العرب قطر 2025: شوف برنامج مقابلات اليوم السبت    أستراليا تفرض عقوبات على أفغانستان بسبب حقوق المرأة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. ودمشق ترحب    اللجنة المنظمة لكأس العرب 2025 تصدر بيانا بشأن فيديو أغاني لصدام حسين    تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    مشروع قانون المالية 2026 : مجلس الجهات والاقاليم يصادق على الفصول المعروضة على الجلسة العامة    الداخلية.. تفكيك شبكة دولية لترويج المخدرات وحجز كميات كبيرة من الكوكايين و"الزطلة" والحبوب المخدرة    كأس العرب.. السعودية اول المتأهلين لربع النهائي    عاجل/ العثور على جثة شيخ في منزل بصدد البناء..    زيارة سعيد الى ضريح الزعيم فرحات حشاد ووسط العاصمة (صور)    كأس العالم 2026: الكشف عن التركيبة الكاملة للمجموعات    بعد مصادقة البرلمان وقبل تصويت الغرفة الثانية .. هذه أهم التعديلات في مشروع قانون المالية    بين التجديد واجترار القديم .. بأيّ حال تعود أيام قرطاج السينمائية؟    استراحة الويكاند    عاجل/ التقلبات الجوية: مرصد المرور يدعو مستعملي الطريق إلى التقيد بهذه الاجراءات..    عاجل: وزارة الصناعة تعلن عن فتح باب الترشح للجائزة التونسية 'كايزان' دورة 2026    تسليط عقوبة قاسية ضد حنبعل المجبري..#خبر_عاجل    مع الشروق : حقّ المواطن في الدواء .. أولوية    عاجل/ حجز قرابة ألف قطعة مرطبات وأطنان من المنتجات الغذائية غير صالحة للاستهلاك    فتح باب الترشح لتظاهرة "رمضانيات القصر السعيد" لسنة 2026    البحر ورهانات الكتابة محور ملتقى صالون الهادي نعمان للإبداع الأدبي    "الطاهر الحدّاد، مصلحا اجتماعيّا ونصيرا للمرأة التونسيّة"، عنوان ندوة بالكريديف احياء للذكرى 90 لرحيل الحداد    تظاهرة "أليف سليانة": مسار جديد لإحياء الثقافة وترسيخ دورها في التنمية    بعد منعه لأكثر من عام: فيلم "المُلحد" في قاعات السينما..    معبر رأس جدير: احباط محاولة تهريب مبلغ كبير من العملة الأجنبية وأكثر من 14 كلغ من الذهب    ترافل اند تور وورلد" تصنف تونس ضمن أفضل الوجهات لقضاء" عطلة رأس السنة الميلادية الجديدة    Titre    عاجل/ السفارة الأمريكية بتونس تعلن عن هذا القرار..    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    المرصد التونسي الاجتماعي يسجل ارتفاعا في عدد التحركات الاجتماعية إلى غاية شهر نوفمبر الماضي    تأجيل محاكمة عبير موسي و مريم ساسي    انطلاق توزيع المساعدات المخصصة لمجابهة موجة البرد لفائدة 900 عائلة معوزة بهذه الجهة..#خبر_عاجل    شويا ثوم وطماطم وبرشا بصل...وصفة من دكتورة تونسية    تظاهرة علمية لتسليط الضوء حول التحديات الحالية وآفاق مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في تونس    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    بشرى سارة للحوامل المصابات بالسكري.. تقنية جديدة تعيد الأمل..    عاجل: اليوم.. 18 ولاية تحت اليقظة الصفراء... أمطار، رعد ورياح قوية    قد تتسبّب في فيضان الأودية: قائمة الولايات المعنية بالأمطار اليوم    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    تواصل البحث عن البحارة المفقودين..ساسي علية يوجه هذا النداء..#خبر_عاجل    سعيد يفجرها: "البعض ما زال يتوهّم أنّه بإمكانه زرع اعوانه في كل مكان، كلهم مكشوفون.."    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    مصر.. مرشح يفوز في انتخابات النواب رغم وفاته    من بعد إيقاف الهجرة من 19 دولة... قرار جديد يشدّد أكثر على المهاجرين    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    فانس يتهم الاتحاد الأوروبي ب"مهاجمة حرية التعبير" بسبب غرامة على "إكس"    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيوننا الأخرى: شروط الحداثة أو الإصغاء إلى موسيقى المستقبل
نشر في الشروق يوم 01 - 09 - 2011

يقول الفيلسوف نيتشه في شذراته الصّادرة سنة 1887«إنني أروي حكاية القرنين القادمين، وأحكي عمّا هو آت. ..بوسعنا، منذ الآن، كتابة هذه الحكاية، فالمستقبل يكلّمنا بواسطة علامات لا حصر لها، وكلّ ما تبصره أعيننا ينذر بالمصير المحتوم. وقد أضحى سمعنا حادّا بما فيه الكفاية لسماع موسيقى المستقبل هذه...».
بهذه النبرة التبشيريّة تحدّث نيتشه عن الفلسفة بوصفها استضافة للمستقبل، احتفاء بما لم يتحقق بعد. فهذا النشاط الفكري ليس له من هدف سوى تصيّد الإشارات التي تتلامح في البعيد والإعلان عنها قبل تحققها. فالفلسفة لا تقيم في الماضي ولا في الحاضر وإنما في ما لم يأت بعد.
هذه الوظيفة التبشيريّة للفلسفة كانت من المحاور الكبرى التي دار عليها كتاب الباحث نور الدين الشابي «نيتشه ونقد الحداثة» الصادر عن كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالقيروان / تونس.
استعرض الباحث في الفصول الأولى من كتابه علاقة الفلسفة بالحداثة قبل نيتشه. هذه العلاقة التي لم تستقرّ على حال واحدة، وإنما ظلّت في حال تطور مستمرّ.وقد عمد الكاتب إلى اختزال مختلف المراحل التي مرّت بها هذه العلاقة في مرحلتين اثنتين: في المرحلة الأولى نهضت الفلسفة إلى جانب العلم بوضع الأسس الأولى للحداثة، إذ رأت أنّ وظيفتها الأولى تتمثل في «ترجمة الزمان...زمانها » وتحويله إلى جملة من الأفكار والمعاني. أمّا في المرحلة فقد ارتدّت الفلسفة على قيم الحداثة تنقدها وتمعن في نقدها بعد أن اكتشفت زيفها وعدميّتها. ولعلّ أهمّ فيلسوف تصدّى لهذا النقد هو نيتشه.
لكن ما هي أهمّ خصائص الحداثة الأوروبيّة ؟
تقديس العقل:لقد مثلت «عبادة العقل» الأساس الأوّل الذي نهضت عليه الحداثة الغربيّة، العقل بوصفه القوّة المناهضة للأسطورة والقيود الإقطاعيّة والأخلاق التقليديّة.ولمّا كان العقل أساس الحداثة فقد عمد الإنسان « الحديث» إلى عقلنة تعامله مع الطبيعة التي تحوّلت إلى فضاء للغزو وموضوع للبحث ومادّة لفضول الذات واستغلالها العقليّ على حدّ عبارة الباحث. ومن ثمّة غدت عبارة ديكارت في القسم السادس من حديث الطريقة «ينبغي أن يكون الإنسان سيّدا للطبيعة ومالكا لها »بمثابة المصادرة التي وجّهت أعمال الفلاسفة والعلماء. كما عمد الإنسان الحديث إلى عقلنة المجتمع. فالعقل كما فهمه إنسان الحداثة ليس أداة تحكم الفعالية العلميّة والتقنيّة فحسب بل هو أيضا أداة لعقلنة الحياة الاجتماعيّة. وتتجلّى هذه العقلنة أقوى ما تتجلّى في عقلنة الممارسة السياسيّة في اتصالها بمفاهيم الحقّ والديمقراطيّة. إذ تبدو قوانين الدولة الحديثة، كما جاء في هذا البحث، بمثابة القيم المجرّدة التي تستمدّ نفوذها من ذاتها ومن تعاقد أفراد المجموعة من حولها بحيث لم يعد النفوذ نفوذ أفراد أو جماعات لها امتياز ما بل هو نفوذ الشعب ذاته. وفي هذا انتقال من القوّة العارية إلى السلطة المقيّدة بقوّة القوانين.
وعي الإنسان بحرّيته:لاشكّ في أنّ وعي الإنسان بحرّيته يرتكز على وعيه بنفسه ك«ذات» هي المصدر الأوّل لكلّ حقيقة. بل لعلّ مفهوم الذاتيّة هو أهمّ المفاهيم التي شكّلت قاعدة الحداثة في مجال الفلسفة.فالحداثة هي أولويّة الذات وانتصارها. هذه الحقيقة التي تبدو بسيطة، أي القول بحضور الذات في العالم، ليست نتاج الفلسفة الإغريقيّة أو الوسيطة، كما يؤكد الباحث، وإنّما هي نتاج الأزمنة الحديثة، وبالتحديد ثمرة الديكارتيّة التي أسّست للحداثة الفلسفيّة بوضع مبدإ الذاتيّة كأساس لليقين.
والحرية، بالنسبة إلى إنسان الحداثة،هي قبل كلّ شيء، الاستخدام الحرّ للعقل في كلّ الميادين. فالإنسان الحديث ليس حديثا لمجرّد أنه أرفع درجة ممّن سبقه بل لأنّه « حريّة خلاقة في حالة فعل» لذا تكمن حداثته في كونه خالقا للتاريخ ولذاته وبالتالي لحرّيته. فليس التاريخ، كما ردّد الباحث،سوى تنامي وعي الإنسان بحرّيته.
الإيمان بالتقدّم: إنّ جوهر الحداثة، كما أسلفنا، هو وعي الإنسان بنفسه داخل التاريخ. هذا الوعي هو الذي قاده إلى تقسيم الزمان إلى ماض وحاضر.ففي هذا التقسيم رفض لفكرة الثبات وتكريس لفكرة التقدّم بما هي ترجمة للزمن بوصفه حركة،صيرورة. لذلك يتمثل الإنسان الحديث تاريخه بوصفه تطوّرا مطّردا«حركة الرّوح نحو المطلق» على حدّ عبارة هيغل، مفترقا بذلك عن القدامى الذين آمنوا بفكرة الزمان الدائريّ.
تلك أهمّ خصائص الحداثة كما تمثلها الفلاسفة قبل نيتشه فماذا كان موقف صاحب «العلم المرح » منها ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.