أعلن الباجي قائد السبسي الوزير الاول بالحكومة المؤقتة عن قرار «توقيف أي عمل نقابي لقوّات الأمن لما فيه من مخاطر على أمن الدولة» فهل يحق له اتخاذ هذا القرار وما هي الاشكاليات القانونية «لتوقيف» العمل النقابي لقوّات الأمن؟ مبدئيا، لم يكن قبل الرابع عشر من جانفي الحق لأعوان الأمن الانتظام في نقابات، الا أنهم خرجوا يوم 20 جانفي 2011 وطالبوا بحقهم في العمل النقابي. صدر المرسوم عدد 42 لسنة 2011 المؤرّخ في 25 ماي 2011 ويتعلق بتنقيح واتمام القانون عدد 70 لسنة 1982 المؤرّخ في 6 أوت 1982 المتعلق بضبط القانون الاساسي لقوّات الأمن الداخلي، ونصّ فصله الحادي عشر (جديد) على أنه «لأعوان الأمن الداخلي الحق في ممارسة العمل النقابي، ولهم لهذا الغرض تكوين نقابات مهنية مستقلة عن سائر النقابات المهنية واتحاداتها». إلا أن هذا الفصل نصّ في فقرته الاخيرة على أنه «يحجّر على أعوان قوّات الأمن الداخلي، في ممارستهم العمل النقابي، الاضراب عن العمل أو تعطيل سيره بأي وجه». وقد ورد بالأمر عدد 50 المؤرّخ في 26 جانفي 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ في فصله الرابع أنه «يخوّل الاعلان عن حالة الطوارئ للوالي في المناطق المشار اليها بالفصل الثاني وبحسب ما تقتضيه ضرورة الأمن أو النظام العام في مايلي: 1) منع جولان الاشخاص والعربات. 2) منع كل اضراب أو صد عن العمل حتى ولو تقرّر قبل الاعلان عن حالة الطوارئ. 3) تنظيم اقامة الاشخاص. 4) تحجير الاقامة عن أي شخص يحاول بأي طريقة كانت عرقلة نشاط السلطة العمومية. 5) اللجوء الى تسخير الاشخاص والمكاسب الضرورية لحسن سير المصالح العمومية والنشاطات ذات المصلحة الحيوية بالنسبة الى الأمّة». كما ينصّ الفصل السابع في فقرته الاخيرة على أنه «يمكن تحجير الاجتماعات التي من شأنها الاخلال بالأمن او التمادي في ذلك». وقد صدر الأمر عدد 1176 لسنة 2011 المؤرخ في 26 أوت 2011 يتعلق بتمديد حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية، وتمتد حالة الطوارئ من 31 أوت 2011 الى غاية 30 نوفمبر 2011، لأن حالة الطوارئ لا يمكن ان تتجاوز مدة أقصاها ثلاثين يوما. قانون الطوارئ أعطى صلاحيات كبيرة للحكومة خاصة لوزير الداخلية، بالقيام باجراءات استثنائية. الا أننا لا نعثر على أي فصل يشرّع حل النقابات او الجمعيات او الاحزاب او المنظمات. وبالرجوع الى مجلة الشغل، فإن النقابات تبعث وفقا للقانون ولا يمكن حلّها الا بحكم قضائي، ولا وجود لأي فصل قانوني يخوّل القيام باجراءات الحل انطلاقا من قرار سياسي. فالنقابات تحلّ حسب القانون وتخضع في حلها للاجراءات القانونية لدى الجهات القضائية. كان على الحكومة ان تتخذ قرارا تحفظيا بإيقاف نشاط النقابة وليس «توقيف» العمل النقابي لقوّات الأمن ويتخذ وزير الداخلية القرار، ثم يرفع الأمر في قضية استعجالية لدى المحكمة الابتدائية بتونس لحل النقابة. إذن وحسب المنظومة القانونية السارية في البلاد التونسية سواء قبل 14 جانفي أو بعد ذلك وحتى المراسيم الصادرة، لا تخوّل للوزير الاول حل النقابات أو حتى إيقافها.