استبشرت المئات من الصفحات منذ صبيحة الأمس بالإفراج عن ضابط الشرطة سمير الفرياني الذي حوله نشطاء الموقع الاجتماعي إلى «شخصية وطنية» ورمز من رموز مقاومة الفساد في تونس. وكان ناشطون كثيرون قد دعوا منذ أسبوعين إلى وقفة احتجاجية أمام المحكمة العسكرية يوم أمس أثناء عرض السيد الفرياني على المحكمة العسكرية، والمطالبة بالإفراج الفوري عنه، كما تم تبادل عدة أخبار عن اعتزام والدته الدخول في إضراب جوع، فيما هدد ناشطون حقوقيون بتصعيد الموقف نحو أشكال أكثر حدة من الاحتجاج. ومنذ ساعة مبكرة من صباح الأمس، كتب بعض الناشطين عن تجمع العشرات من المساندين للضابط الموقوف أمام المحكمة العسكرية تتقدمهم والدته وزوجته وابنته الذين أصبحت صورهم ركنا قارا في عشرات الصفحات والمواقع على الشبكة. غير أن «الحدث السعيد» ما لبث أن ظهر من المحكمة التي قررت الإفراج عنه مؤقتا للنظر في ملف القضية يوم التاسع والعشرين من الشهر الجاري، وهكذا تحولت الحركة الاحتجاجية إلى حفل فرح حقيقي تحت الزغاريد النسائية وبين أعلام الوطن وعشرات آلات التصوير وكبريات قنوات الأخبار بعد أن تحول موضوع هذا الضابط إلى قضية وطنية وإحدى أهم مسائل الحريات في تونس ما بعد الثورة. وفي الحين، انتشر الخبر في أغلب القنوات الإذاعية ومنها إلى صفحات الموقع الاجتماعي حيث تم تداول عدة مقاطع فيديو بشكل مكثف مع عبارات التهاني لأمه وزوجته وابنته. واستحوذت السيدة الفرياني على إعجاب الناشطين على الموقع وهي تقول في أحد مقاطع الفيديو: «وقف معي كثيرون وأنا أشكرهم، محلاها تونس». كما تدخل العديد من الحقوقيين وخصوصا المحامين للتذكير بأن ما حدث هو إفراج مؤقت وليس نهائيا وأن الضابط المتهم مطالب بالعودة إلى المحكمة العسكرية بعد أسبوع للمثول أمام القضاء في حالة سراح، رغم اقتناع الجميع بأنه لن يعود مرة أخرى إلى السجن وأن محنته قد عرفت نهايتها أخيرا. ومن المؤكد أن القضاء العسكري قد اتخذ قراره بالإفراج عن ضابط الشرطة سمير الفرياني اعتمادا على القانون وليس خضوعا للضغط أيا كان مصدره، لكن يمكن القول إن قضية الضابط الفرياني أصبحت تمثل أنموذجا على سلطة الموقع الاجتماعي ونجاحه في نقل قضية شخصية تهم فردا واحدا إلى الفضاء العام وتحويلها إلى قضية وطنية بتنظيم وتأطير عمليات الضغط اليومي على الدولة وتشريك المنظمات المستقلة في هذا الموضوع، وهو ما عبرت عنه زوجته بوضوح حين شكرت بامتنان كبير كل من ساندها في هذه المحنة، وبقت في أذهان الناشطين على الموقع عبارتها الصادقة: «محلاها تونس».