في الوقت الذي كانت فيه تالة تثور كانت القصرين بصدد اسقاط عدوّ الشعب، إذ انتقل الشعار من المطلب الاجتماعي الى المربّع السياسي، وقال الأهل في القصرين «خبز وماء، وبن علي لا» وقالوا «يسقط جلاد الشعب، يسقط حزب الدستور». رغم شهادة عبد الرزاق الساغي شقيق الشهيد وجدي الذي استشهد يوم 12 جانفي بتالة، في لحظات انسحاب قوات الأمن الداخلي، إذ قال إن العقيد المنصف العجيمي هو الذي أطلق النار على شقيقه، إلا أن التحقيقات، وحسبما ورد بأبحاث قاضي التحقيق، فإن العجيمي متهم بالمشاركة طبق أحكام الفصل 32 و201 و202 من المجلّة الجزائية. القنص جاء في ملفات القضية أن الشهيد وجدي السائحي قتل على يد المتهم المقدّم البشير بطيبي اذ «تبيّن من أوراق الملف أن المتهم البشير بطيبي كان بتاريخ الواقعة (12 جانفي) حاملا لسلاح ناري بحكم وظيفته وكان متمركزا بالقطاع الممتد من مقر مركز الأمن الى مقر المعتمدية وقد تعمّد خلال الاحتجاجات التي عمت المدينة ليلة يوم 8 جانفي 2011 استعمال السلاح الذي كان بحوزته اذ تولّى تصويبه نحو المتضرّر نورالدين البولعابي الرجل المسن ثم أطلق رصاصات تجاهه اصابته بأماكن قاتلة من جسمه محاولا بذلك ازهاق روحه فأصيب هذا الأخير من جرّاء ذلك بثلاث اصابات على مستوى جنبه الأيسر في حين أن الرصاصة الرابعة استقرت بعنقه فخلفت له نزيفا دمويا، لذلك تم نقله الى المستشفى المحلي بتالة على جناح السرعة لتلقي الاسعافات الاولية ومنه الى المستشفى الجهوي بالقصرين حيث احتفظ به تحت العناية الطبية المركّزة الى أن تم علاجه وانقاذه من الموت». من قتل الشهيد وجدي؟ أما في قضيّة الشهيد وجدي السائحي فلقد اعتبر قاضي التحقيق العسكري ان «اقدام المتهم المقدّم البشير بطيبي يوم 12 جانفي 2011 وأثناء عملية انسحاب قوّات التدخل من مدينة تالة على اطلاق الرصاص الحي من سلاحه الناري على الضحية وجدي السائحي بصفة مجانية دون أن يمثل هذا الاخير خطرا عليه او على بقية الأعوان فأصابه على مستوى أعلى فخذه الأيمن مما تسبب له في نزيف حاد أدّى الى وفاته رغم التدخل الطبي» كما اعتبر قاضي التحقيق العسكري ان «نيّة المتهم المقدّم البشير بطيبي اتجهت الى ازهاق روح الضحيّة وجدي السائحي والتخلص منه ويؤخذ ذلك من اتخاذه وضع الرمي بجثوه على احدى ركبتيه وتصويب سلاحه الناري القاتل نحوه ثم تنفيذ ما عقد العزم عليه بالانخراط في اطلاق أعيرة نارية صوب المحتجين فأصابت احداها وجدي السائحي الذي توفي لاحقا بسببها. ووجه إليه قاضي التحقيق تهمة القتل العمد. القصرين تنفجر في وجه الطاغية كانت تالة تنتفض في الوقت الذي اشتدت فيه المواجهة في القصرين وخاصة في حي الزهور وحي النور وغيرها من الأحياء الأخرى في المدينة. الشهيد رؤوف البوزيدي حمادي البوزيدي والد الشهيد رؤوف البوزيدي قال انه في مساء السبت 8 جانفي غادر ابنه محلّه المعد لكهرباء السيارات عائدا الى المنزل وقد صادف ذلك مرور عدد من المتظاهرين على مقربة من مفترق الطرق بحي النور ليتولى أعوان النظام العام محاولة تفريق المتظاهرين باستهدافهم بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي ليصاب الفقيد صلاح الدشراوي بطلق ناري وبسقوطه شاهده ابنه رؤوف بوزيدي فاتجه نحوه قصد اسعافه أو ابعاده عن مرمى النار، فأصابه طلق ناري على مستوى الصدر من الجهة اليسرى اخترقت قلبه وخرجت من ظهره لينتقل الى جوار ربّه في الحين. أصغر شهيدة: يقين قرمازي الملفات تكشف أيضا طريقة وفاة أصغر شهيدة في الثورة، انها الرضيعة يقين قرمازي اذ أفاد والداها في شهادتهما انهما كانا عائدين مع ابنتهما يقين يوم 8 جانفي 2011 الى منزلهما الكائن بحي السلام الثاني مرورا بنهج عين القايد وكانا يحملان ابنتهما البالغة من العمر سبعة أشهر ففوجئا بأعوان البوليس الذين كانوا يطاردون المتظاهرين يلقون بقنبلة مسيلة للدموع، انفجرت قربهم مما انجرّ عن ذلك استنشاق الرضيعة لكمية كبيرة من الغازات السامة مما تسبب لها في اغماء، وبرجوعهم الى المنزل تعكّرت حالتها الصحيّة فتم نقلها الى المستشفى الجهوي بالقصرين وقرّر الاطباء الاحتفاظ بها تحت العناية المركزة الا أنها فارقت الحياة متأثرة باختناقها بالغاز المسيل للدموع. يتبع