يعد قطاع تربية الماشية بجهة جندوبة عامة وبوسالم خاصة من القطاعات الفلاحية الواعدة والتي تساهم بنسبة كبيرة في إثراء المشهد الفلاحي لكنه يشهد عديد المشاغل تتطلب تضافر الجهود لتجاوزها حتى يعرف القطاع الإستقرار. عرف قطيع الماشية بجهة جندوبة تطورا في عدد رؤوس الأبقار الأصيلة ليصل إلى ما يفوق 25 ألف رأس وارتفع إنتاج الحليب إلى 150 ألف طن تطور معه عدد مراكز التجميع إلى أكثر من 40 مركزا ,هذه الأرقام في القطاع تحتل منها جهة بوسالم النصيب الأوفر إضافة لتواجد مصنع لتحويل الحليب وتعليبه وهو ما يعني أن الجهة عامة ستنتفع من كل هذه العوامل لتغطي على الأقل حاجياتها من مادة الحليب المعلب بالأسواق الداخلية. بداية الأزمة بداية الأزمة في مادة الحليب بدأت خلال شهر مارس بين مراكز التجميع وشركة التحويل وهو ما انجر عنه إتلاف كميات من الحليب تراجعت معها الثقة بين الفلاح ومراكز التجميع من جهة ومراكز التجميع وشركة التحويل والتعليب من جهة ثانية . وضع قد انجر عنه فيما بعد عدد من الاعتصامات والاحتجاجات بين فلاح مطالب بحفظ حقوقه كاملة ومراكز تجميع تطالب بتسريع عمليات التجميع النهائي وضمان الحقوق المادية والمعنوية كاملة وبين شركة تطالب بعدم تجاوز طاقة الاستيعاب فتاهت المزايدات هنا وهنا بما ينبئ بأن في الأفق بوادر أزمة. وانطلقت الأزمة الحقيقية مع إضراب عمال مصنع الحليب وما انجر عنه من خسائر ناهزت 2,6 مليار من المليمات عقبها نقص فادح في التزود بالحليب المعلب في الأسواق زاد من حدته تراكم الكميات المصدرة نحو القطر الليبي الشقيق . أزمة السوق الداخلية هذه من الحليب بلغت ذروتها خلال شهر رمضان المعظم لهذه السنة والأشهر التي عقبته فكان شح الأسواق مصحوبا بالبيع المشروط للحليب وما زالت العملية تلقي بظلالها إلى اليوم رغم تضاعف الكميات بالأسواق وعودة نشاط المصنع لسالف عهده وذلك من خلال ما يطرأ على ظاهرة التوزيع من نقص بين الحين والآخر ليبقى في جميع الأحوال السؤال المطروح متى يعود التزود بالحليب المعلب لوضعه الطبيعي ويتجاوز المستهلك ظاهرتي البيع المشروط ورحلة البحث عن الحليب هنا وهناك؟ نحو سياسة رشيدة جديدة لتجاوز مثل هذه الأزمة في الحليب التي تطرأ بين الحين والآخر وتتضرر منها الأسواق المحلية والوطنية لا بد من اعتماد سياسة جديدة تبدأ أولا بتنظيم العلاقة بين المكونات الأربعة للعملية ونقصد بذلك الفلاح والمجمع والمصنع والمستهلك وهي سياسة تنبني أولا على التوفيق بين العرض والطلب وحاجيات السوق الخارجية ثم سياسة جديدة في طريقة وظروف تربية الأبقار الأصيلة ونوعيتها بما يتماشى والطاقة الشرائية للفلاح وتلاؤمها مع مناخ الجهة وكذلك مراجعة أسعار الأعلاف بما يحقق توازنا للفلاح بين المصاريف والأرباح التي كانت ولا تزال دون التطلعات .أما المسألة الأخرى فتتعلق بحماية القطيع من التهريب والسرقة . إجمالا يمكن تجاوز هذه الأوضاع التي تحيط بتربية الماشية والتصرف في منتوجها الذي يتصدره الحليب من خلال سياسة رشيدة وعلاقة تشاركية بين مختلف المساهمين في العملية وهي علاقة نخال تفعيلها يبعد كل الهواجس ويدعم الإنتاج كما وكيفا خاصة والعوامل الطبيعية والمناخية والطاقات البشرية لجهة بوسالم عامة وجندوبة خاصة جديرة بكسب التحدي وتلبية حاجيات الأسواق المحلية والوطنية وحتى الخارجية.