عثرنا في بعض الصفحات التونسية الناشطة في مجال الاخبار على بعض التفاصيل الأولية لخبر العثور على الرضيعة في فجر يوم أمس، مما يعيدنا إلى القوة غير المتوقعة لشبكات الاتصال الاجتماعي، ويبدو من خلال الخبر أن أحدا ما قريب من مكان العثور على الرضيعة المخطوفة قد سرب الخبر في صفحته على الموقع، لكنه لم يجد من يصدقه أو يأخذه بجدية، وذلك عائد إلى تواتر الإشاعات والأخبار الزائفة في الموقع، بما جعل أغلب الناشطين في الموقع ينظرون بحذر كبير إلى مثل هذا الخبر خصوصا حين يرد في الساعة الرابعة فجرا. ومع طلوع النهار، تأكد الخبر السعيد وتداولته وسائل الإعلام التقليدية وخصوصا الإذاعات الخاصة، كما تقاسم نص البلاغ الصادر عن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية في صفحتها على الموقع، وفيه تفاصيل واضحة إنما موجزة ودون تفاصيل على عادة البلاغات الرسمية، فلم تشبع فضول جمهور متعطش لمعرفة كل خفايا هذه الدراما التي لا تقل حزنا وإثارة للمشاعر عن المسلسلات الشرقية. وفي صفحة وزارة الداخلية، جاء في البلاغ أن المرأة المتهمة تبلغ من العمر 42 عاما، وأن المحققين حصلوا على معلومة تعتقد أنها قد تكون هي خاطفة الرضيعة. وحظي البلاغ في صفحة الوزارة بأكثر من 75 تعليق فوري، حفلت بعبارات التشجيع والشكر بما يكشف عن نجاح خلية الإعلام في الوزارة في توظيف الموقع الاجتماعي. بالتوازي مع ذلك، تقاسمت المئات من الصفحات التونسية الخبر السعيد مع تهنئة والدي الرضيعة ومواساتها وتبادل التهاني بعودة الملاك. ومن أغرب ما قرأنا، تعليق نشرته ناشطة سياسية تقول إنه أم ثلاثة أبناء، تدعو فيه إلى تسليط أقصى عقوبة على المتهمة، ومما جاء في تعليقها: «السرقة حرام وليس لها أي مبرر من ناحية المبدأ، لكن قد يضعف الإنسان ويسرق لكي يأكل، أو لكي يضاعف ثرواته، أما أن يسرق الإنسان رضيعا، فهذا أفظع أنواع السرقة، إنها سرقة ملاك، سرقة حياة إنسان وسرقة حقه في أن يتربى مع أمه وإخوته، ضرر هذه السرقة يستمر العمر كله». قرأنا أيضا في عدة صفحات تونسية تعاليق أقل قسوة على المرأة المتهمة، وبعض الناشطين الحقوقيين يحاولون أن يفسروا ما أقدمت عليه بعلم النفس، وبحرمانها من الأمومة مثلا، أو بأمراض نفسية حادة، أو بالعزلة التي تدمر الإنسان وتجعله يفقد صوابه. ومن أجمل ما قرأنا من التعاليق، ما كتبه ناشط سياسي توجه بتحية قوية إلى الرجل الذي أبلغ المحققين بشكوكه وقادهم إلى مكان الرضيعة: «يجب أن يشكرك الشعب التونسي على وطنيتك، لقد أعدت الحياة إلى هذه الأسرة، وأعدت إليها الرضيعة التي ربما ما كانت لتعود أبدا وما كان لها أن تعرف والديها الحقيقيين أبدا». ثمة أيضا تعاليق كثيرة تشكر هذا الرجل وتدعو كافة التونسيين إلى المساهمة كل من مكانه في مقاومة الجريمة والفساد، لكن ما غلب على التعاليق تضمن الفرحة بنهاية هذه المأساة سريعا ووضع نهاية لآلام الوالدين الذين تقاسم معهم التونسيون أحزانهم.