أصيب منخرطو الموقع الاجتماعي يوم أمس بالذهول بسبب أحداث المتلوي، وتنافست الصفحات والمواقع المختصة في نقل آخر الأحداث لحظة بلحظة وسط تعاليق تعبر عن الأسف والأسى لظهور «العروشية» التي لم تعد تليق بتونس ولا بالثورة المباركة التي مكنت الشعب التونسي من استعادة كرامته. وفي بداية يوم أمس، تضاربت الأنباء حول حقيقة ما جرى، ولم يفلح مقطع الفيديو المأخوذ من النشرة المسائية للأنباء والذي تم تداوله على الموقع في تبديد الشكوك أو إعطاء صورة واضحة عن حقيقة ما حدث وعن تطور الأحداث. وهكذا وجدنا أنباء تكذب بعضها خصوصا عن عدد القتلى، وكتب أحدهم منتصف نهار أمس على صفحة المتلوي: «سامي ولد (...) مازال على قيد الحياة وتمّ نقله إلى المستشفى الجهوي بقفصة»، لتصحيح معلومات سابقة غير دقيقة، أو هذه الجملة التي تأتي في شكل تعزية: «تأكيد خبر مقتل الغزالي وابنه الله يرحموا ويرحمنا من غضب الله»، وأصبحت مثل هذه الصفحات بمثابة نشرات أخبار محلية مباشرة، عن تطورات الوضع في المتلوي. إن أهم ما يثير الانتباه في الموقع الاجتماعي حول حادثة المتلوي هو الاستنكار العام لأي شكل من أشكال العروشية، واتفاق الجميع على وجوب تهدئة الأجواء وتطييب الخواطر والنفوس، ولم نجد أبدا أي شكل من أشكال التحريض أو إطلاق التهم نحو أي طرف من طرفي الخلاف، بل قرأنا بكل ارتياح نصوصا مثل هذا: «إلى أهالي المتلوي: جيران وأقارب وأولاد منطقة وحدة وقراو مع بعضهم وعايشين مع بعضهم : ويتعاركوا على الخدم، ملا تونس، يا ولادي ما دايمة لحد، يزيو راكم ولاد عم يزيو راكم أحباب، يهديكم ربي». ثمة نصوص كتبها شباب أصيلو المتلوي تقطر حزنا على ما حدث، مثل التعليق الذي كتبته فتاة كما يلي: «ربي يهدينا الملائكة في السماء تلعن والناس في الأرض يضحكوا علينا، المتلوي تحترق وقلبي يتألم حسرة على شبابها، كم يلزمنا من الوقت لتوعية هذا الشباب ؟ كم يلزمنا من قتيل كي نتوقف؟». وفي الأثناء، ثمة من يكتب انطلاقا من معطيات دقيقة عن الأحداث مثل الذي كتب هذا التعليق: «المسالة ليست مسألة عروشية بالدرجة بالأولى وإنما مثيري الفتنة هم مجموعة من المجرمين والزطالين كلما نفذت من عندهم الأموال المنهوبة اخترعوا مشاكل سرعان ما ينجر وراءها الأغبياء فيغتنم المجرمون الفرصة للسرقة والنهب». في الموقع الاجتماعي، اتفق الناس على وجوب مقاومة «الفتنة» والدعوة إلى التهدئة وتجاوز مع حدث مع محاسبة المتسببين، أما الغائب الأكبر كالعادة عن مثل هذه الأحداث الخطيرة في الموقع الاجتماعي، فهي الأحزاب، ولم نعثر على مقال لأحد الأحزاب أو المنظمات سوى بلاغ لفرع نفطة لرابطة حقوق الإنسان نشره الأستاذ أنور القوصري.