أربعة أيام لم تسمع نبرات صوتها ولم تقبل وجنتيها ولم تحضن جسدها الصغير...غابت «أميرة» عن حضن أمها وتركت لها الدموع تقاسمها أحزانها... «أربعة أيام مرت...وكأنهم الدهر كله» ذلك ما جاء على لسان السيدة راضية والدة التلميذة أميرة حاجي البالغة من العمر 13 سنة. تواصل الوالدة الملتاعة راضية في سرد الحكاية...يوم السبت 7 جانفي 2012 غادرت أميرة منزلنا الكائن بحي الرياض بمدينة الرقاب للالتحاق كعادتها بمدرستها الاعدادية القريبة من منزلنا لكنا اختفت في ظروف غامضة ولم تعد... منذ ذلك اليوم استقرت الدموع بين جفوني..نيران تشتعل بداخلي لن تخمد الا بظهور فلذة كبدي... بصوت مرتجف وصلتنا كلمات السيدة راضية والدة أميرة تمزقها الدموع من حين إلى آخر. وتضيف متعثرة في الكلام ليست لدي مشاكل مع ابنتي ولا أظن أن غضبي أو كلامي الذي وجهته لها بسبب ضعف معدلها الدراسي في الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت سيجعلانها تغادر المنزل وتختفي... تتساءل الوالدة قائلة :« هل أن منعي لها بالمشاركة في المسرحية التلميذية التي كانت تستعد لعرضها صحبة بقية التلاميذ يوم السبت بدار الثقافة بالرقاب هو سبب اختفائها؟» تسيطر عليها الدموع وتخنقها العبرات فيخيم الصمت، لتنفجر مجددا بالكلام «أنا محروقة» أريد أن أسمع خبرا عن ابنتي...هل هي ميتة؟ هل هي حية؟ أين تنام وماذا تأكل؟ وتعود راضية مجددا لمواصلة الحديث قائلة :«يومها، يوم السبت الفارط وبعد أن تأخرت أميرة في عودتها للمنزل وكان ذلك بعد انتهاء الدروس، اتصلت باحدى المؤسسات الخاصة بالمدينة التي كانت تتلقى فيها ابنتي احيانا بعض دروس التدارك لكنني لم أجدها فتحولت إلى دار الثقافة التي كانت تحتضن ساعتها العرض المسرحي التلمذي الذي منعت «أميرة» من المشاركة فيه ولم أجدها وهناك أبلغتني احدى زميلاتها أنها كانت منذ قليل بجانبها وكان ذلك في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال. وعندها بدأت رحلة التفتيش سألنا كل الأقارب لكن دون جدوى ومرت الساعات ومرت الأيام وأميرة بعيدة عنا..لا أنام..ولم أتذوق الطعام منذ تركت أميرة المنزل. حالة «أميرة» الغائبة منذ السبت الفارط عن عائلتها ليست هي الأولى التي تعرض على أعمدة «الشروق» لكنها الأولى من نوعها في حياة الأم راضية والأب محمد ولعل الأيام القادمة تحمل لهما أخبارا عن أميرة تجفف دموعهما وتمسح غبار الحزن عن قلبيهما