عشرون يوما لم تسمع نبرات صوتها و3 أشهر لم تقبّل وجنتيها ولم تحضن جسدها الصغير... غابت «وفاء» عن حضن أمها وتركت لها الدموع تقاسمها أحزانها... يوم الخميس 12 نوفمبر 2009 غادرت وفاء (20 سنة) منزل والدها الكائن بالزهروني في ظروف غامضة ولم تعد. «... منذ ذاك اليوم استقرت الدموع بين جفوني..نيران تشتعل بداخلي لن تخمد الا بظهور فلذة كبدي... بصوت مرتجف وصلتنا كلمات السيدة مريم والدة وفاء تمزّقها الدموع من حين الى آخر. ... وغابت عني وفاء وعن غياب ابنتها حدثتنا بوجه شاحب وشفاه مبيضّة لم يزرها الطعام منذ غابت وفاة «منذ 3 أشهر نزلت وفاء الى العاصمة لزيارة والدها وفي نفس الوقت كانت تستعد للزواج في حين بقيت أنا في سبيبة أين أعيش صحبة أبنائي. ومنذ ذاك الوقت لم أر ابنتي غير أنها كانت تهاتفني من حين الى آخر لتكون آخر مكالمة منذ 20 يوما تقريبا ولم ألاحظ اي تغيرات في صوتها الى حين هاتفني والدها وأخبرني بغيابها. تضيف والدة وفاء متعثرة في الكلام ابنتي خجولة وغير قادرة على فعل شيء يغضب ا& أو والديها... تسيطر عليها الدموع وتخنقها العبرات فيخيم الصمت. ومن صميم الفؤاد وعمق المأساة تنفجر بالكلام : «أنا «محروقة» أريد أن أسمع خبرا عن ابنتي.. هل هي ميتة؟ هل هي حيّة؟ أين تنام وأين تصبح؟» استسلمت أم وفاء الى سلطان الدموع علّها تجد فيه ضالتها. «حصل ما لم يكن في الحسبان» كان يقلّب هاتفه الجوّال بين أصابعه وكأنه ينتظر مكالمة تبشّره بعودة وفاء وبعينين زائغتين تحدّث الّي يوسف الزياني والد وفاء عن غياب ابنته الذي غيّر حياته وزاده 10 سنوات من عمره على حد تعبيره... «في يوم الحادثة عدتُ الى المنزل كعادتي ولم يخطر ببالي أني سأجد وفاء غائبة عنه لكن حصل ما لم يكن في الحسبان خرجت وفاء ومرت الساعات ولم تعد، كنت حينها أتوقع انها تهاتف أمها من الهاتف العمومي المجاور وللأسف كانت توقعاتي خاطئة وعندها بدأت رحلة التفتيش سألت كل الأقارب لكن دون جدوى. ومرت الساعات ومرت الأيام ووفاء بعيدة عنا...» ومنذ ذلك الوقت يضيف والد وفاء: «أهملت صلواتي وأوقفت تجارتي.. لا أنام.. ولم أتذوّق الطعام منذ تركت وفاء منزلي.. كانت دائما تزورني ولم أكن أتوقع غيابها ولو ساعة عن عيني... ابنتي محافظة تحترمني كثيرا ولا ترفع عينيها في وجهي... لا أعرف ما الذي أصابها ولو كانت حرّة طليقة لن تتردد لحظة في مهاتفتي... أطلب من ا& أن يعيدها سالمة لي ولوالدتها...» ذاك الوقار البادي على وجهه وتلك القوة التي أراد أن يكبح بها مشاعره لم يستطيعا اخفاء تلك الدموع التي استقرت بين جفونه. وبأصابع مرتجفة حبسها ومنعها من النزول لكنه لم يستطع ان يحبس انسياب الكلام الذي جاء محمّلا بحزن دفين لا يمّحي الا بظهور وفاء. حالة وفاء الغائبة منذ أكثر من أسبوع. عن عائلتها ليست هي الاولى التي نعرضها على أعمدة صفحاتنا لكنها الاولى من نوعها في حياة الأم مريم والأب يوسف ولعل الأيام القادمة تحمل لهما أخبارا عن وفاء تجفف دموعهما وتمسح غبار الحزن عن قلبيهما.