«شاهدنا شعبا أراد تغيير النظام فغيره.. واليوم نكتشف شعبا عظيما يريد الحياة» قد يكون لهذه الشهادة وقع خاص عندما يتفق عليها ممثلو جمعيات ثقافية ودينية فرنسية دون أن يكونوا مدعوين للمجاملة أو المغالطة. هم ممثلو 42 جمعية ثقافية ودينية فرنسية اجتمعوا مؤخرا في أحد نزل الحمامات حيث عبروا عن انبهارهم بالثورة التونسية وبالخطوات التي يخطوها الشعب التونسي في إعادة الأمور إلى نصابها وخاصة منها وضع الدين الإسلامي في مداره الحقيقي وفق العرف التونسي: «كانت تونس منذ أن عرفت الإسلام رمزا للتسامح وقبول الآخر واحترام الرأي المخالف ونبذ التشدد... كما كانت في الآن ذاته منارة علمية دينية متفردة...» هكذا أوضح أحد المتدخلين قبل أن يرجو متدخل آخر الإسراع بإعادة جامعة الزيتونة إلى مكانتها التي تستحق حتى يصبح «بلد الزيتونة مزارا لطلبة العلوم الدينية الإسلامية من فرنسا وغيرها من دول العالم. ضم الوفد الفرنسي 17 إماما من أيمة الجوامع الفرنسية (من مدن وأحياء مختلفة) وعددا من رؤساء الجاليات المقيمة في فرنسا مثل المصرية والجزائرية والسنغالية والأفغانية والموريسية والقمرية (نسبة إلى جزر القمر). أعضاء هذا الوفد يختلفون فيما بينهم من حيث الأصول العرقية ومكان الإقامة في فرنسا ونوعية النشاط الجمعياتي لكنهم يلتقون في نقطة واحدة: «انبهار بما تحقق في تونس من تحول سلمي...» و»سعادة بالتحدث إلى بعض التونسيين وملاحظة مدى وعيهم وتفتحهم...» و»إعجاب بهذه القاطرة التي تقود العربات الراغبة في الحرية والكرامة والحياة...» و»أمل في أن تحافظ تونس على طابعها الإسلامي من حيث التفتتح الفكري ونبذ العنف...» هكذا عبر كل واحد من المتدخلين نيابة عن البقية. هذا الوفد الذي يقيم حاليا في الحمامات حل ببلادنا بدعوة من السيد حسن الشلغومي (وهو تونسي يقيم في فرنسا حيث يرأس مؤتمر الأيمة الفرنسيين) وبالتنسيق مع السيد عبد الحميد الجرموني نائب رئيس جمعية تونس الغد للتنمية. «لاحظنا اهتمام الفرنسيين والجاليات الإسلامية المقيمة هناك بما حدث ويحدث في بلادنا فخامرتنا فكرة استضافة بعضهم حتى يروا بأنفسهم ما يحدث على أرض الواقع عوض الاكتفاء بمتابعة ما تنقله لهم وسائل الإعلام...» الكلام للسيد الشلغومي إمام جامع «درانسي» في فرنسا. فيما عبر السيد الجرموني عن تفاجئه من انبهار الوفد وسعادته بمختلف الأنشطة التي تمت برمجتها في بلادنا أهم هذه الأنشطة شملت زيارة مدينة تونس العتيقة وخاصة منها جامع الزيتونة وبعض الأسواق والمدارس القرآنية، وزيارة مدينة القيروان وأهم معالمها الإسلامية مثل جامع عقبة بن نافع ومقام الصحابي الجليل أبي زمعة البلوي بالإضافة إلى زيارة المجلس التأسيسي ومتابعة إحدى جلساته «بما تضمنتها من نقاشات راقية...» على حد تعبير بعض الحاضرين منهم. «تعلمت العربية وقواعدها وفصاحتها على يد أستاذ تونسي كان زارنا في بلادنا (جزر القمر) إبان حصولنا على استقلالنا...» قالها رئيس جالية بلده في فرنسا بعربية فصيحة وسليمة وهو يثني على تونس ويفاخر بمحبته لها ولشعبها.