خراب في كل مكان، نار مشتعلة في دواليب السيارات، الغاز المسيل للدموع يملأ وسط المدينة، أعوان الأمن انتشروا في كل شبر فيها، اننا نتحدث ببساطة عن مدينة ماطر من ولاية بنزرت التي احترقت اليوم... بدأت شرارة هذه النار حين دخل منعم الدراجي الكاتب العام لفرع اتحاد عمال تونس في اضراب جوع بعد أن تم ايقافه قبل يومين بسبب محاولته الانتحار عن طريق اشعال النار في جسده فقد تم اتهام الدراجي بعرقلة نشاط معمل «ليوني» الذي توقف عن الانتاج لمدة قصيرة، ولكن بعد تدخل بعض المسؤولين عادت الحياة الى هذا المنشإ الصناعي الأكبر والأقدم في هذه المنطقة (منذ عام 1977) ولكن بعض عمال الشركة قرروا مساندة زميلهم بطريقة سلمية ولكن بعض الأطراف زاد تدخلهم الطين بلة مما جعل هذه الوقفة تتحول الى حلبة صراع وعراك بين بعض المواطنين وقوات الأمن... خراب ودمار وأنت تدخل المدينة صباحا بدت مدينة ماطر أمس كأنها مكان مهجور عمت شوارعه الحجارة وبقايا الاسلاك المحروقة.... المدينة تحولت الى خراب ودمار انتشر في كل مكان وحول هذه المدينة التي كانت تنعم بالاستقرار الى جحيم. اصابات في الأمن عدد من أعوان الأمن تعرضوا الى اصابات مختلفة أثناء محاولتهم تفريق المتواجدين وسط المدينة، وفي هذا السياق يقول وكيل الجمهورية وقد كان متواجدا على عين المكان «لقد سجلنا عديد الاصابات في صفوف رجال الأمن، والآن نحاول القبض على المسؤولين وهنا يتدخل أحد الأعوان المصابين وقد تملكه غضب ليقول «منذ الصباح الباكر ونحن نحاول فك الاعتصام بطرق سلمية ولم نستعمل العنف ولكن بعض الخارجين عن القانون حولوا المدينة الى خراب وأغلقوا مدخل ماطر، واستعملوا أيضا قوارير خمر وملؤوها بالبنزين ورمونا بها في حين أننا جئنا لحمايتهم. اتحاد عمال تونس مسؤول بعض مواطني ماطر عبروا عن غضبهم الشديد من وضع البلاد الذي أصبح حديث المدينة وتحول الى قضية رأي عام حيث يقول أحد المواطنين «السبب في هذا الخراب هو اتحاد عمال تونس الذي تلاعب بمصير العمال غير مبال بظروفهم وحتى منعم الدراجي تلاعبوا به ثم تخلوا عنه» وتضيف احدى العاملات بشركة «ليوني» نريد أن نعود الى عملنا بصفة عادية فأنا أم لأربعة أولاد ومورد رزقي الوحيد هو عملي وزوجي متوفى لماذا يريدون تدميرنا من أجل مصالحهم الشخصية وقد ساندهم في هذا الموقف مجموعة كبيرة من أهالي ماطر. نساند منعم نحن نساند منعم الدراجي لأنه الوحيد الذي دافع عنا، ولم يخف من أحد، لقد حاول كشف بعض التجاوزات القانونية في الشركة ولم يكن يقصد تعطيل مصالحنا، لقد لفقوا له تهما عديدة لاسكاته ولكننا لن نتخلى عنه» هكذا صرحت لنا احدى العاملات بالشركة ولم تكن وحدها بل انصفتها بعض زميلاتها اللاتي أكدن أنهن متمسكات بدعم زميلهن. قضية رأي عام تحولت مشكلة شركة ليوني الى قضية رأي عام، ولم يتخيل أحد أن الوضع سيزداد سوءا ويتحول الى تدمير ما يشبه العصيان المدني وقد أثرت هذه الاحداث على أحد المستثمرين الفرنسيين الذي كان متواجدا على عين المكان وبعثت الرعب فيه مما جعله يتصل بسفارة بلاده لاخراجه من المدينة. ليوني مغلق حاول بعض اطارات شركة ليوني جمع العمال والعاملات لاعادتهم للعمل ولكن باءت محاولتهم بالفشل حيث تم اغلاق المصنع لثاني مرة على التوالي الى حين عودة الحياة بصفة طبيعية الى المدينة وقد أكد أحد الاطارات بالشركة أنه في صورة عدم عودة الحياة للشركة ستكون مصيبة بأتم معنى الكلمة، حسب تعبيره...