تناقلت الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي منذ صبيحة يوم أمس تطورات مسيرة اتحاد الشغل في العاصمة وفي عدة مدن داخلية، وكما هو متوقع، فقد حدثت محاولات استفزاز من الجانبين وانفلات خطير في الصفحات التونسية. منذ أول أمس، استعد نشطاء ومناضلو اتحاد الشغل في صفحاتهم وصفحات اليسار عموما لهذه المسيرة ودعوا كافة النقابيين للنزول الى الشارع احتجاجا على الاعتداء على مقرات الاتحاد واحتجاجا على موقف الحكومة التونسية الراعي لمؤتمر أصدقاء سوريا، بالاضافة الى عدة شعارات أخرى تكشف بوضوح عن العداء المتعاظم والذي لم يعد يخفى على أحد بين المنظمة الشغيلة وأنصار النهضة. واذا كان قادة الحركة الحاكمة وزعماء اتحاد الشغل يترفعون في صفحاتهم أو تصريحاتهم التي يتم تداولها في الموقع الاجتماعي عن العنف، فان أنصار الطرفين يمارسون انفلاتا خطيرا على المستويات يبدأ باطلاق التهم والشتائم وعبارات التخويف ويصل الى الدعوة العلنية لممارسة العنف، مرورا بالأخبار والصور المفبركة. ومنذ بضعة أيام، يفخر أنصار الاتحاد بتضامن الأحزاب والمنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني معه، وينشر ناشطوه في الموقع تصريحات وصور زعماء العديد من الأحزاب والمنظمات الذين زاروا مقر المنظمة وأصدروا بلاغات التضامن الكامل معها. كما يحظى اتحاد الشغل بتعاطف قسم كبير من الاعلاميين والمثقفين ورموز المجتمع المدني الذين يرون فيه رمزا من رموز النضال ضد القمع في تاريخ تونس.
ولا يصمت نشطاء النهضة في الموقع، بل يواصلون حملة الضغط على الاتحاد، ويطلق بعضهم دعوات للانسلاخ عن الاتحاد بحجة أنه تورط في السياسة وأصبح يمثل اليسار. واستغل بعض نشطاء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية نشر صورة السيد الباجي قايد السبسي في زيارة تضامن الى مقر الاتحاد لكي يشن حملة عليه وذلك بالتذكير بدوره الكبير في حكومة بورقيبة ابان محاكمة النقابيين وخصوصا الحبيب عاشور. وعند منتصف نهار أمس، بدأ ناشطو الاتحاد سواء في الصفحات الرسمية أو في صفحات أنصاره في نشر صور المتظاهرين في ساحة محمد علي وفي عدة مدن داخلية وبدا فعلا أن الاتحاد قد جمع حوله عددا هاما من الأنصار في هذه المسيرة، فيما عبر ناشطون محايدون عن مخاوفهم من حدوث أعمال عنف وشغب، خصوصا عندما تسرب خبر لا أحد يعرف مصدره عن «سلفيين بصدد التوجه في مجموعات الى وسط المدينة». غير أن تغطية المسيرة سريعا ما تطورت الى عمل سياسي واضح في مواجهة لا لبس فيها بين النهضة واتحاد الشغل، وحدث انفلات من الطرفين ينبئ بأيام شاقة في البلاد اذا لم يسارع أحد الى اصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر. قرأنا تعاليق كثيرة في صفحات ناشطي الاتحاد ترفع شعارات تدعو الى اسقاط الحكومة والدخول في عصيان مدني عنيف لأجل ذلك. يكتب ناشطون من حزبي المؤتمر والتكتل تعاليق تدعو الى الهدوء والتعقل، ويذكر بعضهم أنصار اتحاد الشغل بأن المنظمة ليست حزبا سياسيا حتى تدخل معارك سياسية ضد النهضة أو غيرها. قرأنا في صفحة أستاذ جامعي بالعاصمة: «كلنا ناضلنا في الاتحاد من أجل الحريات والحقوق العامة، أنا وزملائي وقفنا في ساحة محمد علي احتجاجا على رمي الفضلات في الساحة لأن هذا اعتداء جبان على المنظمة العتيدة، لكن يجب أن يبقى مستقلا عن المعارك السياسية، ومن حق الشعب التونسي أن يبقى الاتحاد لكل التونسيين». عند منتصف النهار، نشر ناشطو الاتحاد في صفحاتهم معلومات تتحدث عن نهضويين يستفزونهم ويعترضون المسيرة في شارع بورقيبة، وظهرت تعاليق تعبر عن الخوف من حدوث مواجهات عنيفة وأحداث شغب. هكذا هي مسيرات التونسيين هذه الأيام، محفوفة دائما بالمخاطر والمخاوف.