بعد أن استهلك الموقع الاجتماعي مفاجآت الحملة الانتخابية، مرّ الناشطون مباشرة إلى النقاش حول هوية رئيس البلاد القادم، ورئيس الحكومة وسط ضجيج كبير تختلط فيه أصوات الاحتجاج بالولاءات السياسية التقليدية. ومنذ أول أمس، انطلقت في الصفحات والمواقع التونسية أخبار غير مؤكدة تقول إن النهضة قد اتفقت مع رئيس الوزراء في الحكومة المؤقتة الباجي قايد السبسي على تولي خطة رئيس الدولة في مقابل تكليف السيد حمادي الجبالي الكاتب العام لحركة النهضة خطة رئيس الحكومة. وسريعا ما وجدت هذه الأخبار شبه تأكيد لها في الموقع بعد الحوار المفاجئ الذي أجرته وكالة تونس إفريقيا للأنباء مع السيد الجبالي وأطلق فيه عبارته التي ملأت عناوين المواقع والصحف وهي استعداده لتكوين الحكومة. والمثير في هذه المسألة هو انطلاق العشرات من الصفحات النهضوية في انتقاد هذا القرار حتى أن ناشطين معروفين بقربهم الشديد من النهضة اعتبروا أن تكليف الباجي قايد السبسي برئاسة الدولة هو «تنازل لا مبرر له بعد انتصارنا في الانتخابات»، وتجاوز ناشط نهضوي من الساحل هذا الوصف ليتحدث عن «خيانة» لإرادة الشعب. لكن قرأنا بعد ذلك في عدة صفحات مقربة من النهضة مقالات تؤيد هذا التقارب بين الحركة والباجي قايد السبسي، مما دفع المشرفين على تلك الصفحات إلى التراجع عن هذه التهم ومساندة قرار القيادة مع نشر مقالات كثيرة تشكر الباجي قايد السبسي وتعتبره سياسيا بارعا وذكيا سوف يوفر للنهضة حماية سياسية دولية بما يتمتع به من مصداقية. وهكذا هدأ النهضويون قليلا في ظل ذهول خصومهم السياسيين الذين يغلب على تعاليقهم الاكتئاب والتشاؤم. وقبل ذلك ظهرت عدة اقتراحات تنادي بتكليف زعماء سياسيين معروفين برئاسة الدولة مثل مصطفى بن جعفر أو المنصف المرزوقي إلا أن هذه المقترحات ضاعت وسط الدوي الكبير الذي يحدثه أنصار النهضة حيث يعتبرون أنفسهم أحق بمثل هذه المهمات الكبيرة بحجة انتصارهم الساحق في الانتخابات. أما الأسماء التي لم تحقق ما كان منتظرا منها مثل السادة نجيب الشابي وأحمد إبراهيم وحمة الهمامي، فقد اختفت من الموقع الاجتماعي تقريبا، ليحل محلها النقاش الأزلي في تونس: مع النهضة أو ضدها. وكما هي عادة التونسيين على الموقع، فقد كان للفكاهة والمزاح نصيب كبير، بدءا بتناقل تصريحات السيد الهاشمي الحامدي على قناته اللندنية والتي يتحدث فيها عن أنصاره الذين يرغبون في الزحف على العاصمة واستقباله في المطار. وفي هذا المجال، حرف العديد من الناشطين على الموقع تصريحاته لتشبه دعوة القذافي الشهيرة: «أنا معي الملايين، الزحف الزحف». ورغم أن السيد الهاشمي الحامدي كان يتحدث بأسى عميق عن استحالة عودته إلى تونس في ظل حكومة يرأسها السيد حمادي الجبالي، فإن ناشطي الموقع لم يتركوه في شأنه، واستمروا في نشر مقاطع الفيديو التي يناصر فيها بن علي ونظامه. ولأول مرة، ينظر ناشطو اليسار بكثير من الشماتة إلى المعركة بين النهضويين وبعض أنصار الحامدي خصوصا بعد نشر صورة لما قيل إنها مسيرة مساندة لصاحب قناة المستقلة في سيدي بوزيد مهد الثورة مع تعاليق تهدد بإعادة الحركات الاحتجاجية.