لم يشف اللقاء الذي جمع المعطلين عن العمل من حملة الشهائد العليا بالمدير الجهوي للتشغيل غليل الكثير منهم ولم يقدم لهم حلولا ملموسة، فهاجس البطالة ما فتئ يؤرّقهم وطيف الوظيفة عاد ليتلاشى وتعود بذلك وضعيتهم الى التعقّد من جديد.
عبّر العديد من المعطلين عن العمل بعقارب عن نفاذ صبرهم وازدياد قلقهم عن مستقبلهم وقطار العمر يسير وفرص العمل تتضاءل في ظل وعود كثيرة من قبل وزارة التشغيل مقابل فرص عمل تعدّ على الأصابع ان وجدت.
اللقاء الذي جمع المدير الجهوي للتشغيل بالمعطلين من أصحاب الشهائد العليا في عقارب انتظم نهاية الأسبوع الماضي بفضاء دار الشباب بعقارب وحضره جمع كبير منهم تمثلهم التنسيقية المحلية للمعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا وكذلك السيد معتمد الجهة، وقد شهد حرارة في النقاش وجرأة من قبل المتدخلين الذين طرحوا مشاغلهم ومعاناتهم على ممثل وزارة التشغيل مقدمين في الوقت نفسه حلولا آجلة وأخرى عاجلة وعد المدير الجهوي للتشغيل بدراستها والأخذ بها.
المنحة الشهرية المسندة الى المعطلين من أصحاب الشهائد العليا أو ما يعبر عنها بمنحة «أمل».. تعتبر حلا مؤقتا للعديد من المعطلين خصوصا أولئك الذين يعانون ظروفا اجتماعية صعبة،حيث يتمتع حوالي 170 ألف معطل في تونس بهذه المنحة والتي سجلت في جانفي الماضي اضافة 23 ألف معطل بحسب المدير الجهوي للتشغيل بصفاقس والذي أكد أن هذه المنحة التي رصدتها الوزارة وكثر حولها الحديث تبقى حلا مؤقتا وهو حل مشروط مستقبلا بأداء المعطل عن العمل ضمن آليات لفائدة المجموعة الوطنية اذ لا يمكن أن تسند الا لمن يستظهر بما يثبت أداءه لعمل ما. المؤسسات الصناعية في قفص الاتهام
برغم المحاولات الجادة لمعتمد عقارب ومجهود المكتب الجهوي للتشغيل بصفاقس لايجاد فرص عمل للمعطلين من أصحاب الاختصاص بالمؤسسات الصناعية المنصبة بعقارب والتي تتوفر على مواطن شغل عديدة قادرة على أن توفر حلولا لهؤلاء، الا أن الاجراءات الروتينية وتلكؤ أصحاب المصانع جعل أبناء عقارب يجدون علامة – قف – كلما طرقوا أبواب المنطقة الصناعية اذ تعتمد هذه المؤسسات الصناعية على انتدابات عشوائية وتغض الطرف عن أصحاب الاختصاص ممن تتوفر فيهم الشروط المناسبة باستثناء عامل الخبرة والذي يعتبر بحسب المعطلين مجرد تعلة لأصحاب المصانع ومديري الشركات.
وقد تطرق لهذه الوضعية باسهاب الشاب المعطل ابراهيم بن يحيى الذي أشار أيضا الى غياب دور مكتب التشغيل وعدم تحيين عروض الشغل،الى جانب الغياب الكلي لدور المصانع المنتصبة في الجهة والتي يمكن أن تقلص عدد المعطلين من أصحاب الشهائد العليا وفي هذا السياق أكدت المعطلة رفقة الصيد التي بعد تربص في شركة «مخازف قرطاج» خرجت بشكل تعسفي ولم تلق لا الاحاطة ولا الجواب الشافي حول أسباب الاستغناء عنها.
من المشكلات الأخرى والصعوبات التي تواجه المعطلين عدم وضوح الرؤية في ما يخص التشجيع على بعث مشاريع خاصة مثلما حصل مع المعطل الحبيب التريكي (39 سنة) وهو معطل متحصل على شهادة الأستاذية في الرياضيات ومؤهل تكوين في الاعلامية وشهادة في بعث المؤسسات وشهادة في التصرف،وهذه «القفة» من الشهائد لم تشفع له أن يحصل على عمل ورغم بعثه لمشروع خاص بعقارب فانه واجه عديد الصعوبات والتعطيلات ولم يجد تسهيلات سواء من حيث التمويل أو من حيث الأداءات والاجراءات الروتينية نظرا لظروفه الصعبة وحتى بنك التضامن طالبه بتمويل ذاتي بقيمة (800د) مما جعل مشروعه يسقط في الماء ولم يقدر على مجابهة الصعوبات التي ظلت ترافقه كظله منذ ما قبل 14 جانفي حتى الآن.
أما هدى بن مدهونة فقد طالبت بضرورة اشراف وزارة التشغيل على جميع المناظرات المقترحة كما طالبت أيضا وهي المعطلة منذ 9 سنوات بضرورة اتخاذ اجراءات عاجلة وفورية لفائدة المعطلين الذين لم يعد بامكانهم الانتظار أكثر والذين طالت مدة بطالتهم وقطار العمر يجري. هدى قالت أيضا أن لا شيء تغير وأن جميع أبواب الشغل موصدة حتى الآن.
من جهته قال المعطل سالم بن رقيقة أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي خصوصا لأصحاب الحالات الانسانية الصعبة على غرار ما يعانيه الشاب المعطل ابراهيم بالحاج علي الذي يعول والدة مريضة واخوة من البنات بعد فقدانه لوالده منذ سنوات وفي نفس السياق قال لسعد بن عرفية ممثل عن الاتحاد المحلي للشغل بعقارب أن هناك حالات مستعجلة تتطلب مزيدا من التنسيق بين مكاتب التشغيل والمجتمع المدني للاسراع بتشغيل المعطلين مع ضرورة تنقيح مجلة الشغل حتى تواكب متغيرات الوضع الراهن.
أما الشاب المعطل علي بن محمد فقد أكد من جهته وعلى غرار العديد من زملائه على أن الحل الأمثل لمعطلي الجهة يكمن في انفتاح المؤسسات الصناعية بالجهة التي تتوفر على مواطن شغل يمكن أن يستفيد منها أصحاب الشهائد العليا المعطلين من ذوي الاختصاص اذ أن الحلول موجودة غير أن انتدابات مصانع الجهة يستفيد منها معطلون من غير أبناء المنطقة.
أما عماد بلعيد فقد أشار الى ضرورة احداث مكتب محلي للتشغيل بعقارب لتسهيل عملية التواصل بين المعطل والأطراف المعنية بالشغل مع ضرورة التشجيع على بعض المشاريع والغاء هامش الفوائض. المنتدى الاقليمي للتشغيل
من جهته وعد المدير الجهوي للتشغيل بصفاقس بتبني كل هذه المقترحات البناءة وايصالها الى وزارة التشغيل مع امكانية النظر في احداث مكتب محلي للتشغيل في عقارب كما أشار الى أن منحة «أمل» لا تعني بالضرورة الانتداب فهي حل مؤقت ومشروط في انتظار فرص عمل في الوظيفة أو في المؤسسات الصناعية المنتصبة بالجهة بالتنسيق مع معتمد المكان وأصحاب المصانع كما أكد على أن الحلول موجودة في مقترحات وأفكار المعطلين التي يجب تبنيها من قبل الجهات المعنية للعمل بها والاستفادة منها.
كما دعا المدير الجهوي المعطلين من أصحاب الشهائد العليا الى مواكبة المؤتمر الاقليمي حول التشغيل والذي سينتظم بصفاقس انطلاقا من 22 مارس القادم تحت اشراف وزير التشغيل والذي سيكون تحضيرا للمؤتمر الوطني بالعاصمة والذي قد يجيب عن عديد الأسئلة ويقدم الحلول العاجلة والآجلة لمشكل البطالة لدى أصحاب الشهائد الذي أرهق العديد من المعطلين ومثل مرضا مزمنا من أمراض المجتمع التونسي وفي انتظار هذا المؤتمر الذي قد يستجيب لانتظارات المعطلين لازال هؤلاء بين ألم البطالة والفاقة والانتظار وأمل الحصول على فرصة عمل قد تأتي وقد لا تأتي في ظل واقع اقتصادي صعب ووضع اجتماعي أصعب للمعطلين وعائلاتهم.