كان من المنتظر أن يقوم اتحاد نقابات الأمن بوقفة احتجاجية اليوم أمام مبنى المحكمة الابتدائية بتونس وذلك على خلفية اصدار قاضي التحقيق السادس بطاقة إيداع بالسجن في شأن «العون مروان العزيزي» المتهم بالاعتداء رفقة زميلين له على محام ولكن تم إلغاء هذه الوقفة.
القضية تناقلتها العديد من وسائل الإعلام الأسبوع الماضي واختلفت الآراء حولها وتباينت، وكثرت فيها التساؤلات فيما يخص الأطوار الحقيقية للواقعة وتفاصيلها، والمؤيدات التي تؤكدها واشكالية خلفياتها ودوافعها...
«الشروق» تُسلط الضوء على كل تفاصيل القضية وخفاياها من خلال وجهة نظر المدّعي والمدّعى عليه الذي تمثله نقابة قوّات الأمن الداخلي.
تأكيد للواقعة وتمسّك بالتتبع العدلي للمتهمين
«الشروق» اتصلت بالمحامي «وليد الهمامي» الذي أكّد أنه يوم الواقعة وحوالي الساعة الثامنة مساء ركن سيارته أمام منزله الكائن بحي الزياتين بالعمران الأعلى ولكنه فوجئ بثلاثة أشخاص ينزلون من سيّارة رمادية اللون من نوع «فورد» وبادر أحدهم ودون التعريف بنفسه بتويجه عبارات مخلة بالاحترام وبألفاظ نابية تطوّرت الى الاعتداء عليه بالعنف الشديد وأضاف محدّثنا أنهم قاموا باجباره على ركوب السيارة عنوة رغم تلوّيه ألما بسبب قوة اللكمات التي تلقاها. وتفاجأ بجلبه الى مركز الاستمرار بباب سعدون حيث تواصلت إهانته والسخرية منه رغم حالته البدنية الصعبة بل ويؤكد على افتكاك هاتفه الجوّال من قبل أحد الأعوان، ومنعه من الاتصال بأحد أصدقائه لنجدته وعلى إثر اطلاق سراحه توجّه الى قسم تقويم الاعضاء بمستشفى القصّاب بمنوبة أين تلقّى الاسعافات الأولية ووفق التقرير الطبي المقدم له من الطبيب المشرف فقد صرّح بتعرّضه لأضرار بدنية أسفرت عن كسر بيده اليمنى وإصابة أصابعه بجروح بواسطة آلة حادة... وتحصّل على شهادة طبيّة أوّلية فيها راحة ب 21 يوما.
وقد اعتبر المحامي أن الاعتداء عليه بهذه الطريقة تعدّ على مهنة المحاماة قبل الاعتداء على شخص، ورغم وجود مصالحه ملحوظة بين الشعب وأعوان الأمن إبّان ثورة 14 جانفي.
وبسؤالنا عن دوافع هذا الاعتداء والسبب المقنع الذي يجعل عون أمن يعتدى من تلقاء نفسه ودون أي سبب على محامي بهذه الطريقة. أجاب محدّثنا بأن سريّة الأبحاث لا تسمح له بالتصريح عن الأسباب الحقيقية ودوافع هذا الاعتداء وأكّد على اماطة اللثام عنها من قبل قاضي التحقيق الذي سيتكفل بكشف الحقيقة خلال الايام القليلة المقبلة، رغم محاولة بعض الأطراف تسييس الواقعة.
وبتاريخ 17 مارس 2012 استمع قاضي التحقيق بالمكتب السادس الى شهادة المحامي «وليد الهمامي» بخصوص قضيّة الحال.
مع العلم أن العديد من المحامين كوّنوا لجنة الدفاع عن زميلهم وطالبوا بإيقاف الجناة، وكإجراء أوليّ تم يوم 19 مارس 2012 اصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق العون «مروان العزيزي» احد المشتكى بهم فيما بقي العونين الاخرين بحالة سراح وعلى ذمة التحقيق.
قرار قاضي التحقيق لم يستصغه أعوان الأمن الذين استنكروه وقد تضاربت الآراء ووجهات النظر حول هذه القضية، ولمزيد الايضاح اتصلنا بنقابة قوّات الأمن الداخلي ممثلة في شخص السيد «شكري حمادة» الناطق الرسمي للنقابة.
وجه آخر للحقيقة...
أكّد السيد «شكري حمادة» على احترام الجهاز الأمني لقرارات المحكمة والقانون يعلو فوق الجميع ويطبّق على الجميع دون استثناء ولا يُطالب بتغيير مسار الحكم وله ثقة تامة في كشف الحقيقة.
وصرّح محدّثنا بأن المحامي «شكري الهمامي» كان يوم الواقعة راكبا سيّارته صحبة رجلين قرب مقهى بجهة العمران الاعلى وليس أمام منزله. وتم القبض عليه من طرف الأعوان المشتكى بهم أثناء قيامهم بدورية أمنيّة بعد أن ثبت تلبّسهم وهم بصدد احتساء الكحول أمام العموم وفي الطريق العام.
في الأثناء هرب مرافقا المحامي وجُلب هو الى مقر مركز الاستمرار بباب سعدون وحُرّر محضر بحث في الغرض لكنه قام باحداث الجلبة والشغب واعتدى بالعنف اللفظي على الأعوان رغم إخلاء سبيله فإنه وبعد ثلاثة أيام من الواقعة تقدّم بدعوى قضائية وقدّم في ملفه شهادة طبية فيها 21 يوم راحة.
وأضاف السيد شكري بأن الأعوان لم يعتدوا عليه بالضرب كما ادّعى وكل هذا مُوثّق بالصوت والصورة في فيديو بحوزة أعوان الأمن ويدوم 12 دقيقة وموجود على موقع التواصل الاجتماعي «الفايس بوك» وهو دليل على الأطوار الحقيقية للواقعة.
وبيّن أن الشاهد الذي شهد مع المحامي وسانده في أقواله تم إلقاء القبض عليه بعد أن ثبت أنه من المفتش عنهم نظرا لتورّطه في عديد القضايا العدلية وله سوابق كثيرة.
وأعرب السيد «شكري حمادة» عن رفض الأعوان لقرار قاضي التحقيق وقال «كيف لا»؟!! وهم من تاريخ الواقعة مهدّدون بالسجن أثناء آدائهم لواجبهم وتطبيقهم للقوانين وفق ما يقتضيه واجبهم المهني ما يجعلهم يعملون في ظروف غير مريحة هو عدم وجود قانون رسمي يحميهم أثناء آداء واجبهم.
وجهات نظر مختلفة حول القضيّة... وملفات أخرى جاري فيها التحقيق للكشف عن الأطوار الحقيقية للواقعة وخفاياها ودوافعها.
القضيّة لم تقف عند الحد القضائي وإنّما تطوّرت لتدخل مجال التساؤل عن حصانة البعض أمام القانون.