عقد حمة الهمامي الامين العام لحزب العمال الشيوعي مؤخرا بمدينة قصر هلال اجتماعا تعرض فيه الى جملة الصعوبات التي تواجه حكومة «الترويكا» وطرح فيه ايضا خطة مستعجلة للخروج من الازمة الحالية بما يساعد على تحقيق اهداف الثورة. حمة الهمامي كان خلال الاجتماع كعادته صريحا في تطرقه الى المشاكل الحساسة لاذعا في نقده واضعا يده على مكمن الداء وقد انطلق في حديثه عن مساندة حزبه للشعب الفلسطيني في نضاله وكفاحه ضد الكيان الصهيوني معرجا على مسالة وجوب تجريم التطبيع مع هذا الكيان في الدستور التونسي وقال حمة ان البعض من اعضاء المجلس الوطني التأسيسي وبعض السياسيين قالوا بأنه لا فائدة من التنصيص على هذا الفصل الذي سيتم تحوير الدستور بسببه في صورة تحرر فلسطين وعلق قائلا «لتتحرر فلسطين ولنعد كتابة الدستور عشر مرات».
تهديد الحريات
حمة الهامي لم يخف بان الوضع في تونس عموما ليس على ما يرام وهو رأي استند فيه الى ما يدور بين المواطنين العاديين من احاديث جانبية و ذكر ان الحكومة وبعد مرور اكثر من ثلاثة اشهر على انطلاقها في العمل تبدو في حالة تعطل فهي لم تحدد مدة الفترة الانتقالية كما ان الاصلاحات التي طالب بها الشعب التونسي ووعدت بها الحكومة لم تتم وحتى الحديث عنها لم يعد يسمع وهو ما يثير اكثر من نقطة استفهام فالشعب الذي قام في وجه الدكتاتور وفي وجه الاستبداد من اجل الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وطالب بمحاسبة قتلة الشهداء وتطهير الادارة و القضاء والأمن وطالب بفتح ملفات التعذيب لكنه اصيب بخيبة كبرى اذ لا شيء تحقق وحتى مسألة الحريات أصبحت مهددة في ظل الميليشيات التي أصبحت تعتدي على المعتصمين والطلبة والأساتذة والإعلاميين وهي عصابات اجرامية تكفر من تشاء وتحدث الفوضى أينما كان ولا يمكن نسبها لا الى حركة النهضة ولا الى السلفيين.
قضايا هامشية
وعرج حمة الهمامي على ما يدور في صلب المجلس الوطني التأسيسي وقال ان هذا الصرح الذي اقيم لانجاز الدستور والدفاع عن المطالب الشرعية للمواطنين وخاصة الشباب منهم والنظر في السياسة الخارجية لتونس و ايجاد الحلول العاجلة لتجاوز العراقيل الموجودة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي حاد عن مهمته وصار منبرا للخلافات الايديولوجية وتناول القضايا الهامشية وكاْن الثورة قامت ليناقش الشعب هويته او قامت من اجل ان يحارب المسلمون الكفار ويعتدي الحداثيون على التقليديين وقال حمة ان اعضاء المجلس والحكومة كان عليهم ان ينظروا وبسرعة في ملفات الجرحى وينصفوا عائلات الشهداء وان يوقفوا السراق الكبار الذين بقوا احرارا وان يفتحوا الملفات الكبرى في جميع الميادين وان يحددوا خط الدولة في السياسة الخارجية اذ لا يعقل ان ينتهج المسؤولون مبدا التسول في دول الخليج وآلاف المليارات من اموال الشعب موجودة في بنوكهم.
تجارة ممنوعة
وتعليقا عن رأيه في مبادرة السيد الباجي قائد السبسي الرامية الى لم شمل الدستوريين حول الفكر البورقيبي قال أمين عام حزب العمال الشيوعي ان السبسي كان اول من صفق لبن علي عندما انقلب على بورقيبة ثم انه لم يدافع عنه عندما وضع في سجنه بدار الوالي في المنستير كذلك فعل اغلب الدستوريين وتساءل عن انجازات الرجل خلال العام الذي قضاه على راس الحكومة الانتقالية وعما قدمه للمعطلين عن العمل سوى انه وضع مرسوما يحميه من المحاسبة بمرور الزمن واعتبر ان ما يقوم به الباجي انما هو متاجرة بالبورقيبية وهي تجارة غير مقبولة وأشاد حمة الهمامي بدور الدستوريين الاحرار الذين ساهموا في تحرير البلاد وتقديره لهم ولكنه رفض بشدة ان يضع يده في يد التجمعيين الذين يريدون العودة للالتفاف على الثورة تحت غطاء الفكر البورقيبي وبصفة عامة قال حمة بأنه ليس ضد السبسي وليس ضد النهضة ولا التكتل وإنما هو ضد كل من يريد الالتفاف على الثورة وتجاهل مطالب الشعب الذي سيظل يناضل من اجل حريته وكرامته ولو ادى به الامر الى القيام بثورة ثانية وان انتقاداته هذه كانت ستطال حزبه ايضا لو وقف دون القيام بواجبه.
ولان الوضع في البلاد عموما لا يرتقي الى تطلعات الشعب قدم حمة الهمامي خطة مستعجلة للخروج من الازمة الحالية وذلك على جميع المستويات فعلى المستوى السياسي قال الهمامي انه لا بد من تحديد تاريخ انتهاء الفترة الانتقالية لهذه الحكومة وضبط موعد الانتخابات القادمة وتفعيل لغة الحوار والتشاور بين الائتلاف الحكومي اثناء اتخاذ القرارات وانتهاج مبدا الوضوح في التعامل مع الملفات الحساسة وإطلاع الشعب على ما تتضمنه من حيثيات وحقائق وحماية الحريات والبدء في الاصلاحات السياسية اما على المستويين الاقتصادي والاجتماعي فاقترح تجميد الاسعار وضرب المحتكرين وتعليق المديونية بالاستناد الى القانون الدولي وإقرار ضرائب استثنائية على اصحاب الثروات الكبرى ومراجعة المنظومة الجبائية واسترداد الاموال المنهوبة اما على مستوى السياسة الخارجية فدعا حمة الهمامي الى مراجعة الاتفاقيات مع الخارج وخاصة منها الاتفاقيات السرية المبرمة مع الولاياتالمتحدةالامريكية كما دعا الى تحديد المواقف من الدول العربية وطلب من حكومة الترويكا التعامل مع الملفات الحساسة بكل شجاعة وهي التي ستجد الشباب الذي قاد الثورة الى جانبها يساندها ويدعمها.