في زيارة إلى منطقة النقاشية وادي البقرات بمعتمدية باجة الشمالية اعتقدنا للوهلة الاولى أن المشكل يتعلق بطريق ترتب عنه صعوبة تنقل القاطنين هناك لقضاء شؤونهم اليومية وهو أمر محيّر ويدعو الى ضرورة التدخل العاجل لفائدتهم. لكن الواقع اكثر مأساوية وقتامة والمكان يكتنز شتى مظاهر البؤس والفقر والمرض بغض النظر عن قساوة البعد والمنأى. فهذه المنطقة الواقعة تقريبا في حد فاصل بين ولايتي باجة وبنزرت ورغم أراضيها المنبسطة وسهولة تضاريسها إلا أن متساكنيها يعانون أكثر ممن يقطنون الجبال والمرتفعات ومعاناتهم لا تقف عند نقطة معينة فأسباب الألم ودوافع التشكي مختلفة اجتمعت عند هؤلاء وأولها «الطريق»
طريق المعاناة...!
أهل المنطقة عزلوا جرّاء عزوف سيارات الأجرة المرور من هذه المنطقة في سبيل ايصال شخص أو شخصين ويبدو أن هذه التعلة متفق عليها ويعرفها الجميع إذ كانت نفس الإجابة التي أمدنا بها المتساكنون وأصحاب السيارات أما المسألة الثانية فتتعلق بذلك المسلك الذى تمر منه هذه العائلات لتصل إلى منازلها وهي عبارة عن مجموعة من الحفر والمجاري.
صعوبة المسالك التي يمرون منها خاصة عندما تمتلئ وحلا أثناء تهاطل الأمطار، وقد ذكر أحد الأولياء أن ابنته الصغيرة تشتكيه في كل مرة تعب جسدها الصغير جراء عدم قدرتها على تحمل مشاق الطريق وطول المسافة التي تهدد مستقبلهم فضلا عن الخصاصة والفقر والمرض مما أدى الى انقطاع عديد التلاميذ عن الدراسة.
فضلا عن صعوبة الحياة وصعوبة التنقل إلى المدينة والمدرسة ورغم ضعف موارد الرزق ومشاق تحصيل القوت اليومي لهذه العائلات فإن للمرض مكان في كل بيت من تلك البيوت التي يقبع خلف كل منها شخص يعاني مرضا مزمنا ولا يملك بطاقة علاج مجاني أو بطاقة عادية أما أكثر هؤلاء بؤسا فهي سيدة في الثالثة والخمسين من العمر حسب ما ذكره أحد أفراد عائلتها تعاني إعاقة عضوية على مستوى اليدين والقدمين ولا تتمتع بأي امتياز عدا بطاقة إعاقة لا تغنيها من فقر ولا من جوع.