تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعذبون في الريف
"الأسبوعي" ترصد معاناة التلاميذ
نشر في الصباح يوم 06 - 02 - 2012

بعيدا عن عدسة المصورين وكاميرات القنوات التلفزية يعاني التلاميذ في المناطق الريفية والمهمشة من مشاكل عديدة في صمت.. حيث يكابدون ويجاهدون يوميا للوصول إلى مدارسهم من أجل تحصيل العلم والنجاح.
وتبدو الرحلة شاقة ومتعبة بل إنها رحلة عذاب يومية لما قد تخفيه الطريق من مفاجآت كلفت بعض الصغار أحيانا حياتهم. صورة لا تختلف كثيرا عما كان يعيشه تلاميذ الأرياف منذ الخمسينيات.. ليبقى الأمر متعلق ب«معذبين» في الريف.
أطفال في عمر الزهور بأجسادهم النحيلة يضطرون الى الخروج من منازلهم منذ الصباح الباكر ويقطعون يوميا عديد الكيلومترات ذهابا وإيابا عبر مسالك فلاحية رديئة ووعرة لترتعش أجسادهم الطرية من البرد القارس شتاء وتلفحهم حرارة الشمس الحارقة ورياح الشهيلي في أحيان أخرى دون أن نتحدث عن فيضانات الأودية عند نزول الأمطار وما تسببه من أخطار تهدد حياتهم.
المحظوظون منهم يقصدون مدارسهم على ظهور الدواب و»الباشي» أما البقية فإنهم مهددون بالحيوانات المفترسة في بعض المناطق الغابية. ولاشك أن هذه الظروف القاسية كانت سببا في توديع مئات التلاميذ لمقاعد الدراسة مبكرا وهو ما يحتم على الأطراف المسؤولة إيلاء عناية أفضل لتلاميذ هذه المناطق المهمشة التي ظلت خارج حسابات مختلف الحكومات المتعاقبة عبر نصف قرن، مع ضرورة توفير الضروريات في المدارس باعتبار أنه لا يعقل غياب الماء الصالح للشراب في بعض المؤسسات التربوية دون الحديث عن بقية النقائص وما أكثرها خاصة وأن الجميع يطمح الى معالجة هذه الأوضاع بعد ثورة الكرامة والحرية.
محمد صالح الربعاوي

قصر الخرافشة (بني خداش) :غياب الماء الصالح للشراب وسور المدرسة مهدد بالسقوط
توجد المدرسة الابتدائية قصر الخرافشة من معتمدية بني خداش من ولاية مدنين في أعالي الجبال ما بين معتمديتي غمراسن من ولاية تطاوين وبني خداش.
وتعاني هذه المؤسسة التربوية من عديد النقائص والسلبيات والمتمثلة في أنها تفتقر للماء الصالح للشراب حيث يتم جلبه عن طريق صهريج إضافة إلى عدم وجود فضاء لائق للمطعم المدرسي إذ تقدم الأكلة للتلاميذ في «مخزن».
سور مهدّد بالسقوط
زد على ذلك سور هذه المدرسة مهدّد بالسقوط ما جعل حياة تلاميذها وكل العاملين بها عرضة للخطر، كما أن معاناتهم لا تقف عند هذا الحد حيث أن المجموعة الصحية بعيدة عن الأقسام... وتجدر الإشارة إلى أن هذه المدرسة تعتمد نظام الفرق (4 مستويات في نفس الوقت).. وكل ما يأمله الجميع لهذا الفضاء التربوي أن يلقى الرعاية والاهتمام الضروريين من طرف الدوائر المعنية لتلافي جميع هذه النقائص والسلبيات أم أن دار لقمان ستبقى على حالها...
ميمون التونسي

بنزرت
متاعب يومية
مازالت رحلة طلب العلم تشكل معاناة للكثير من أبناء الجهة خاصة من سكان القرى والأرياف والمناطق النائية والذين يتحملون مشاق التنقل اليومي على الأقدام لمسافات طويلة .
من هؤلاء بعض التلاميذ الذين يدرسون بقرية هنشير الماثلين من معتمدية بنزرت الجنوبية والذين يأتونها من مناطق متباعدة. «الأسبوعي» التقت مجموعة منهم في هذا الحديث :
فاطمة الباجي: تقول هذه التلميذة التي تدرس بالخامسة ابتدائي أنها تسكن بقرية بشاطر و أنها تحتاج إلى قطع مسافة تقارب 2 كلم على قدميها بين الأوحال وبرك المياه لتصل إلى الطريق حيث يمكنها ركوب الحافلة التي تقلها إلى المدرسة .
مريم العباسي : تدرس معها بنفس القسم تقطن بمنطقة التلة تقطع هي الأخرى مسافة طويلة نسبياً وإن كانت أقل من زميلتها لتبلغ الطريق المعبد .
متاعب وشقاء
أشرف و حمزة التواتي : يقطنان بسيدي عبد الواحد يخرجان من البيت السادسة والنصف صباحاً فيقطعان الطريق الموحلة التي تتعدد بها الحفر والخنادق بين الغابة والجبل حتى الطريق المعبد لركوب الحافلة في الساعة السابعة إلى إعدادية هنشير الماتلين حيث يدرسان بالسابعة أساسي . هذان التلميذان أكدا أن تلميذات من بنات الجيران فضلن المبيت المدرسي على رحلة العذاب التي لا يقدرن عليها كل يوم ذهاباً وإياباً خاصةً أن تلك الثنية تستعصي حتى على السيارات .
وقد لفت نظرنا بعض المعلمين إلى أوضاع أخرى أشد بؤساً وشقاء بمناطق أبعد تحتاج فعلاً إلى الوقوف عندها مثل الحويشات وسيدي نصير وتسكراية و جومين و غزالة وسجنان و غيرها كثير .
منصور غرسلي

قابس
حيوانات مفترسة تهدد التلاميذ
يعاني الكثير من التلاميذ في المدارس بقابس من مشكلة النقل وهو أبسط ما يمكن توفيره لهذه الفئة المهمشة.
وفي هذا الإطار أكد لنا بعض متساكني المناطق الريفية المعاناة التي يكابدها التلاميذ يوميا من اجل الالتحاق بمقاعد الدراسة والتي تختلف وتتنوع من منطقة الى اخرى ومن ابرز المناطق التي تعاني مشكل بعد المدارس عن التلاميذ هي قطعا معتمديات منزل الحبيب فمدرسة الفجيج ونقراطة حيث يقطع هناك التلاميذ عشرات الكيلومترات من اجل الوصول اليها ومع الظروف المناخية والطبيعية هناك تزداد هذه الصعوبات فالحرارة المرتفعة صيفا والبرد القارس والامطار والاوحال شتاء والمخاطر التي ترافق ذلك، فلطالما منعت الامطار الغزيرة التلاميذ من الالتحاق بمدارسهم هذا فضلا عن الحيوانات المفترسة التي تتهدد الاطفال الصغار خاصة فالذهاب الى المدرسة في الساعة السادسة والنصف صباحا في فصل الشتاء الظلام الذي يخيم على الطريق في ظل انعدام النور الكهربائي يسمح للحيوانات المفترسة مثل السباع والثعالب والكلاب السائبة بالهجوم على الاطفال ولمواجهة ذلك لابد للاطفال من أن تكون لهم رفقة آمنة او ان يتسلحوا بالعصي لمواجهة اي خطر يتهددهم، اما المحظوظون من هؤلاء التلاميذ فتكون سيارات الباشي وظهور الحمير وسيلتهم للوصول الى مدارسهم وهنا نتحدث عن مناطق تشين، تمزرط، هداج وزمرتن التابعة لمعتمديتي مطماطة ومارث
خطورة
وأكد لنا الطفل عفيف والذي لم يتجاوز السادسة عشر من عمره انه انقطع عن الدراسة في ظل الظروف الصعبة التي تواجهه للوصول من منزله الى المدرسة الاعدادية فسيارات الباشي الوسيلة الوحيدة لذلك وما ترافق هذه العملية من خطورة على غرار الاكتظاظ وتعرضهم للبرد والشمس كلها عوامل دفعت به وباقرانه لمغادرة مقاعد الدراسة باكرا نفس الامر تقريبا يعانيه تلاميذ منطقة ليماوة والذين يقضون اكثر من نصف اوقاتهم خارج المنزل جراء الدراسة فالحافلات تاتي في الصباح والمساء فقط وهو ما يعرض التلاميذ للانحراف في الشارع وقت انتظار الحافلة.
تكرر الحوادث
كما لا يفوتنا التعرض لمصاعب تلاميذ معهد العهد الجديد سابقا بمعتمدية المطوية والذي يقصده كل من اطفال المطوية وذرف، والميدة وبعد هذه المنطقة خاصة عن هذا المعهد الاعدادي، والمخاطر التي تهم في هذا الخصوص الطريق غير المؤمنة حيث تشق المنطقة الطريق الوطنية رقم 1 والتي يعبرها آلاف السيارات يوميا وطالما تكررت الحوادث في هذه الطريق.
ياسين بوعبد الله

العيون (القصرين) 340:تلميذا يقطعون يوميا الكيلومترات مشيا
على امتداد أشهر فصل الشتاء وما يتميز به من برد وتساقط للثلوج، يعاني متساكنو المناطق الداخلية. خصوصا تلاميذ المدارس الابتداية والإعدادية والمعاهد الثانوية صعوبات كبيرة.
ومن بين المناطق التي تعيش على وقع هذه الظروف منطقة القرين المرازقية من معتمدية العيون التابعة لولاية القصرين والتي يقطنها ما يقارب 10500 نسمه (طبقا لجرد 2011)، فهي تفتقر الى أبسط مقومات الحياة الطبيعية والعيش الكريم، اذ يعاني متساكنوها الكثير من المصاعب خاصة خلال الايام الاخيرة التي عطلت فيها الثلوج والبرد كل مرافق الحياة.
معاناة في التنقل
يوجد في القرين مدرسة إعددادية طاقة استيعابها تقارب 887 تلميذا من بينهم 547 مقيما فيما يتنقل البقية لمسافات طويلة للوصول الى مقاعد الدراسة بهذه المؤسسة التربوية وهي غير كافية لضمّ كل تلاميذ الجهة. كما تضمّ المنطقة معهدا ثانويا به 811 تلميذا من بينهم 370 مقميما، فيما يتعين على البقية القدوم من مناطق اخرى بعيدة عن القرين.
يلاقي أطفال هذه المنطقة صعوبات جمّة عند تنقلهم بداية من الخامسة صباحا في جوّ بارد منتظرين حافلات تقلهم الى منطقة العيون البعيدة عن القرين بحوالي 32 كلم او سبيطلة التي بدورها يفصلها 36 كلم عن هذه القرية او فوسانة البعيدة عنها بحوالي 37 كلم. وفي ظل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة وتساقط الثلوج بكثافة تتوقفت الدروس وتنقطع الطرق فيلازم التلاميذ في منازلهم.
تخفيف المعاناة
ومن بين الحلول التي يمكن لها تخفيف معاناة تنقل الأطفال لمسافات طويلة ما تمّ برمجته في ميزانية 2009 من إنشاء مدرسة إعدادية ثانية بالقرين من المنتظر ان ينتفع منها 720 تلميذا بالجهة. وفي هذا الصدد علمت «الأسبوعي» أن هذا المشروع تحت الدرس حاليا ومن المنتظر ان ترسل وزارة التربية خلال الايام القليلة القادمة لجنة خبراء لمعاينة موقع المشروع ليقرر بعدها القرار النهائي بشأنه. كما علمنا أن هذه المؤسسة التربوية ستدرج في ميزانية 2012.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المدرسة الإعدادية ستكون قبلة لوافدين من أكثر من 10 مدارس ابتدائية بالمناطق المتواجدة بمعتمدية العيون وهو ما سيخفف من وطأة وصعوبة تنقل الأطفال الصغار وقت غضب الطبيعة.
جمال الفرشيشي

باجة: تلاميذ مرفوقون بكلاب تحسبا لمفاجآت الطريق
تعد ولاية باجة 151 مدرسة ابتدائية موزعة على معتمدياتها التسع ويؤمها أكثر من 30 ألف تلميذ وتلميذة وأكثر من 1800 مدرس ومدرسة.
تتمركز أغلب هذه المدارس بالمناطق الريفية ورغم ارتباط العديد منها بخطوط نقل منتظمة أغلبها تعاقدي مع سيارات النقل الريفي فإن جميعها ما زال يعاني من ترهل البنية الأساسية التي يعود أغلبها إلى السنوات الأولى من الاستقلال أو قبل ذلك بكثير أما ما تمّ إنجازه في السنوات النوفمبرية فقد ارتبط منها، ماديا ومعنويا، بصفات الصناديق التي كانت تقوم عليها وظل الباقي مقبرة مزخرفة تدفن فيها المليارات دون حساب وتكتب عليها الشعارات وترفع عليها الأعلام تزلفا لسراق النعمة واستهانة بحرمات الوطن.
على ظهور الدواب
ولعل أهم ما تشترك فيه مدارس باجة وأخص بالذكر المدارس الريفية تلك المكابدة اليومية التي يعيشها المدرّس والتلميذ والمدير والولي للوصول إلى مواقع التعلم في كل يوم وفي كل فصل. مدارس بعضها تفتح أبوابها على الساعة السابعة والنصف صباحا حين تكون آخر النجمات تهمّ بمغادرة وجه السماء وتغلقها على الساعة الخامسة والنصف مساء عند ارتسام أول النجمات على قفا السماء حتى أن بعض التلاميذ يقطعون مسافات بين الزروع والأودية والغابات في مجموعات تفرضها القرابة أو الجيرة وكثيرا ما ترافقهم كلابهم في رحلاتهم اليومية تحسبا لمفاجآت الطريق أما الأكثر حظا فينقلهم أهاليهم على ظهور الدواب صباحا ويستقبلونهم مساء وقليل منهم من يركب النقل الريفي أو وسائل النقل الأخرى أما الأقل حظا فتراهم سارحين بين الشعاب وفي ثنايا الحقول ينفضون الوحل من أحذيتهم الصغيرة في الشتاء منشغلين بالتقاط بعض الأعشاب أو الأزهار في الفصول الأخرى غير عابئين بمخاطر الحيوانات المفترسة.
وجبات باردة
أما بين الحصة الدراسية والأخرى فيقضي الأطفال أوقاتهم بين أحضان المدرسة بل على أطرافها في أغلب الأحيان قابعين على الصخور أو متكئين على الأشجار تخفي جوع بطونهم بعض كسرة خبز من أمهاتهم اختزنوها بمحافظهم أو لمجة باردة سلمها لهم حارس المدرسة أو مديرها أحيانا. ثلاثة أرباع المدارس بولاية باجة تعاني من صعوبات متشابهة غير أن الإحصائيات لم تكن تأخذ بعين الاعتبار هذه الحالات وكانت عدّة مشاريع وطنية تقام وتنتهي ويظل الحال على ما هو عليه.
مدارس ذات أولوية
ولعل أهم المشاريع التربوية -التي حاولت أن تتبنى المدارس ذات التحصيل العلمي المتدني والصعوبات الاجتماعية والاقتصادية المعيقة لعملية التحصيل اعتماد تصنيف جديد للمدارس التي تعرف صعوبات متعددة وهي «المدارس ذات الأولوية التربوية»- يعتمد أساسا فلسفة التمييز الإيجابي لهذه المؤسسات كالتمويلات والتجهيزات المخصوصة والتنفيل بساعات دعم إضافية غير أن 32 مدرسة مدرجة ضمن هذا المسمى بولاية باجة ظلت غير بعيدة عن نقطة الانطلاق، فلا نتائجها تحسنت ولا تمويلاتها تطورت ولا ساعاتها الإضافية أثمرت كما ظلت كل مدارس الجهة تستحق التنزيل ضمن المدارس ذات الأولوية التربوية مع تفعيل البرنامج برمته، إن ما زال يحتفظ لنفسه ببعض حياة، والابتعاد عن التقارير والإحصائيات المهذبة والتي لا تقدم للناشئة سوى الفشل وراء الفشل، ليبقى جزء كبير من الوطن مطموسا بأصابع أبنائه.
المنصف العجرودي

نابل: مسالك صعبة تعسر الالتحاق بالمدارس
يكابد تلاميذ المدارس الريفية المصاعب، التي تتضاعف خلال فصل الشتاء جرّاء البرد القارس وصعوبة الطرقات والمسالك الفلاحية. وللوقوف على حقيقة هذه المعاناة كانت لنا زيارة لإحدى أرياف ولاية نابل وتحديدا بمعتمدية بوعرقوب على الخط الريفي من بني وائل إلى الخرابشية فبوسهم..
هناك وقفنا على وضعية تلاميذ صغار يصارعون البرد القارس ويتنقلون على مسافات بين 5 و6 كلم يوميا ذهابا وإيابا بأجسامهم النحيفة في مسالك كلها أوحال وحفر لم تطلها بعد تدخلات الدولة للتعبيد وحتى الصيانة الدورية من مصالح التجهيز الغائبة رغم تواجد فرع للتجهيز ببوعرقوب. فخلال حديثنا مع التلاميذ لمسنا فيهم تعلقهم بمسقط الرأس وحبهم للعلم والطموح في عيونهم، للارتقاء بوضعهم المعيشي إلى الأفضل.
معاناة يومية
أكد لنا التلميذ كريم بوسمينة الذي يدرس بالسنة السادسة ابتدائي بمدرسة الجوهرة ببني وائل أفاد أنه يقطع يوميا 5 كلم ذهابا وإيابا وسط مسلك فلاحي تراكمت به الأوحال خلال فصل الأمطار وأمام البرد القارس فقد تذمر هذا التلميذ من برودة قاعة الدرس وقد شاطره زميله جاسم خريبيش السنة الثالثة الذي يقطع يوميا مسافة 4 كلم عبر مسلك فلاحي رديء. وأما عبد الرحمان بن رمضان الذي يتنقل على مسافة 6 كلم يوميا وهو الذي يدرس بالسنة السادسة أصيل بوسهم فقد أكد أنه يسلك طريقا صعبا ولكنه متحمس للنجاح في دراسته رغم الظروف الصعبة. ويشترك في هذه المعاناة مع باقي الزملاء التلميذ محمد علي بوراس السنة الثالثة من البحارة الذي يقطع مسافة 6 كلم يوميا وسط مسلك فلاحي رديء زيادة عن البرد القارس بسبب غياب التدفئة بقاعة الدرس مما يؤثر على درجة التركيز على سير الدروس. وهي نفس المعاناة التي تذمر منها زميله محمد علي السعدي من بوسهم الذي يتنقل على مسافة 5 كلم يوميا في ظروف صعبة جدا.
طرقات صعبة
ولم تقتصر تذمرات هؤلاء التلاميذ على مصاعب الطرقات والمسالك الفلاحية والتدفئة فحسب بل أكدوا لنا أن مناطقهم تشكو من عدة نقائص مثل غياب فضاءات للأطفال.
إن أبناء المدارس الريفية ببوعرقوب ومثلهم في عدة مناطق أخرى بولاية نابل مثل حتوس والمزيرعة وبني وائل بالحمامات وعين طبرنق والإقليم بقرمبالية.. في انتظار الرعاية اللازمة لتوفير النقل المدرسي نظرا لبعد المؤسسات التربوية على مسافات تؤثر على مردود التلميذ مما ينعكس سلبا في تزايد نسب الفشل المدرسي ومغادرة التلاميذ لمقاعد الدراسة منذ السنوات الأولى خاصة في صفوف الإناث وهي وضعية لا بد أن تشتغل عليها قوى المجتمع المدني.
كمال الطرابلسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.