وجوه شاحبة... افترش أغلبهم الحجارة... لا تغطّيهم... إلا أشعة الشمس... لا أحلام تريحهم عذاب الانتظار... بعد أن دخلوا في اضراب جوع مفتوح منذ اعلانهم الاعتصام أول أمس الاثنين... مهددين بانتحار جماعي إذ أتلف ملف مشروعهم الذي انتظروه طويلا جدا. بداية الحكاية تعود الى السنة المنقضية حيث تم اعداد ملف هام لتمكين حوالي 500 منتصب من العاملين في مجال الانتصاب العشوائي من مكان يجمعهم داخل فضاء أطلق عليه من الأسماء «سوق التجار المستقلين»، وفعلا تم تحديد الموقع وهي أرض كانت سابقا (الشركة التونسية للتوزيع) تفتح على واجهتين الاولى شارع قرطاج والثانية شارع اليونان وانطلقت الاشغال فعلا بهدم البناية السابقة وبناء مقر سيخصص كمركز للشرطة على على يسار المدخل وعلى يمينه مشرب... ومنذ حوالي أربعة أشهر اختفى كل شيء بعد رفع أكوام الحجارة من المكان الأمر الذي أعاد الأزمة الى واجهة الأحداث.
المنتصبون دخلوا قبل يومين في اعتصام مفتوح بالمكان معتبرين ان والي تونس أخلّ بوعده بعد أن منحهم 10 أيام للردّ على تساؤلاتهم لكن فاقت المدة الآن الشهر، ولم يعرف ما هو مصيرهم الحقيقي.
كفني بحوزتي
... السيدة ريم الباجي احدى المعتصمات بالمكان افترشت الارض واحتضنت كفنها معتبرة أن الأمر تحول الى مسألة حياة أو موت وأن الوعود التي تلقوها بدأت تتبخر رغم أن المشروع انطلق لكنه توقف فجأة مشيرة الى أنها منتصبة من ضمن المنتصبين عشوائيا في عدة أماكن وكانت تحلم مثل غيرها بأن تستقر مضيفة: «لقد حملت كفني معي فنحن ميتون ميتون، وقد دخلت منذ أمس في اضراب جوع».
مكرم الاينوبلي تحدث بدوره عن المشروع قائلا «لقد انطلق المشروع قبل أشهر وأعلمونا أن تكلفته قد تم ضخ جزء منها وهي بقيمة مليارين ومائتي ألف من المليمات وقاموا بهدم البناية القديمة واعداد المشرب على أن تنطلق اشغال البناء بمواصفات حديثة. وسيكون السوق على ثلاثة طوابق ليسع الجميع، ونحن تقريبا 500 منتصب مسجّلون كلنا من العاصمة لكن ومنذ 4 أشهر توقفت الاشغال نهائيا.
عمر الشابي وفتحي العابد من بين المعتصمين بالمكان تحدثا بدورهما عن ما آلت اليه الاوضاع وكيف أن الحلم توقف فجأة دون تقديم ايضاحات أو تفسيرات وأنهما مثل غيرهم غير عارفين بمصيرهم أو حتى مصير حلمهم الذي انتظروه سنوات طويلة ودخل حيز التنفيذ منذ حوالي العام.
الملف عند الوالي
وليد الزعلوني منتصب من جهة «شارل ديغول» تحدث بدوره عن المعاناة اليومية للمنتصبين العشوائيين مع التراتيب البلدية وهو من بين المتابعين للمشروع من قبل ولادته مضيفا «كل شيء بيد الوالي فهو من كان يتابع الملف، ووعدنا قبل أكثر من شهر أن يعطينا سببا لتوقف الاشغال على اعتبار مهلة 10 أيام لكن دون جدوى لقد تركونا عالقين في الوهم».
40 سنة منتصب فوضوي
محمد علي حسونة منتصب بشوارع العاصمة منذ 4 عقود انتفض من مكانه ليعبر عن رأيه بالقول: «متى يتحقق حلمي؟ سابقا لم أجد فرصة لآخذ دوري في سوق من الأسواق لضيق ذات اليد واليوم بعد أن عايشت الحلم يريدون سرقته مني». اختلفت المشاغل والمشاكل الا أنها انضوت تحت سقف واحد هو اضراب جوع واعتصام مفتوح الى حين معرفة الحقيقة ومآل الأموال المرصودة للمشروع، وهو ما أكّد عليه المعتصمون الذين أكّدوا أنهم لن يغادروا المكان أبدا.