تتّجه أنظار كلّ التونسيّين والتونسيّات غدا إلى وقائع الاحتفال بذكرى عيد الشغل، هذا الاحتفال الّذي ينطلق بمؤشرات جيّدة للتعبير عن مظهر من مظاهر الوحدة الوطنيّة. ستلتفّ الجمعيات والأحزاب ومختلف فعاليات المجتمع المدني حول المنظمات النقابيّة ( الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد عمّال تونس) في المسيرتين المبرمجتين في شارعي الحبيب بورقيبة ومحمّد الخامس للتعبير عن النضال من أجل مزيد تحسين ظروف العمّال والشغالين بالفكر والساعد وتحسيسهم بالدور الوطني والتاريخي البارز المطلوب منهم ماضيا وحاضرا ومستقبلا. إنّ حماية الشغّالين هي محلّ وفاق شامل ولا يرقاها أيّ خلاف أو تباين ، فهؤلاء الشغّالون هم الحماة الحقيقيّون لهذا الوطن وهم المؤتمنون على إنجاح مسار الثورة والانتقال الديمقراطي وضمان الظروف الملائمة لنهضة البلاد وتطوّرها. وإن كانت «عملية الانتاج» في مختلف الميادين والقطاعات تحتاج إدارة وتشريعات ورأس مال وتجهيزات وبناءات فإنّها تظلّ عملية غير ذات جدوى دون حركة السواعد والأفكار القادرة على تحويل كلّ ذلك إلى منتوجات وسلع وخدمات تنشّط الأسواق وتنفعُ الناس جميعا وتخدم المصلحة الوطنيّة من الباب الكبير. العمّال والشغّالون لا يحتاجون فقط إلى تهنئتهم في عيدهم ، فهم يحتاجون أيضا إلى أن يروا توجّها عامّا من مختلف الفاعلين السياسيين وغيرهم من القوى الشعبيّة والاجتماعيّة والنخب لتكريس الوحدة الوطنيّة الحقيقيّة بعيدا عن كلّ مظاهر التجاذب والتنازع الفئوي أو الحزبي أو الشخصي الضيّق. وكما كانت للنقابات المنضوية تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل أدوار مهمّة في تحقيق استقلال البلاد وطرد المستعمر الفرنسي عبر تأطير التحرّكات الاحتجاجيّة والوقوف سندا قويّا لقوى الحركة الوطنيّة المقاومة بل قياداتها على غرار ما فعله الشهيد فرحات حشّاد ، وكما كان للنقابات مساهمات رائدة في مسيرة بناء الدولة التونسيّة الحديثة عبر دفاعها المستميت من أجل ظروف عمل أفضل للشغالين وظروف قادرة على تحفيز حركة الإنتاج والإبداع والابتكار. ومثلما لعب النقابيّون والشغّالون دورا محوريّا ورئيسيّا في ثورة 14 جانفي 2011 ، فهم يقفون اليوم عنوانا لوحدة كلّ التونسيّين والتونسيّات دون نظر لموقعهم في الحكم أو المعارضة ودون اعتبار لانتمائهم السياسي أو فكرهم الإيديولوجي أو معتقداتهم. غدا ، ستُكرّسُ الاحتفالات بعيد الشغل معنى جديدا للوحدة الوطنيّة ،عنوانه الرئيسي «العمل ..العمل ولا شيء غير العمل» ، العمل بالتحفيز المطلوب ، والعمل في الظروف الجيّدة ، والعمل أيضا خدمة لمصلحة البلاد العليا بعيدا عن كلّ التجاذبات السياسيّة والرؤى الضيّقة ، إذ العمل والشغل لا لون سياسيا له سوى لون الوطن.