احتضن نزل طينة ندوة علمية حول «النيابة العمومية اليوم» بتنظيم من الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس وجمعية الحقوقيين بصفاقس وتطرقت المداخلات الى «النيابة العمومية في المرحلة الانتقالية» والنيابة العمومية بين التبعية والسلطة التقديرية وسط حضور محترم لرجال القانون. بعد وضع الندوة في اطارها الساعي لتدارس أحد أوجه اصلاح العدالة وهي النيابة العمومية باعتبارها الاكثر جدلا منذ الثورة لحساسية مركزها وعلاقتها بالسلطة التنفيذية تناول محمد بوزويتينة المساعد الاول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية صفاقس 2 موضوع «النيابة العمومية في المرحلة الانتقالية» وانطلق فيها من صورتها التاريخية في ذهنية الناس وارتباطها بالسلطة التنفيذية.
وبين المتحدث ان المشرع مكن النيابة العمومية من صلاحيات واسعة ففضلا عن عملها الاداري فإنها تؤمن عملا استمراريا مرتبطا بالضابطة العدلية وتدعو هذه الصلاحيات الواسعة الى التساؤل عن مدى استقلاليتها عن السلطة التنفيذية.
مداخلة السيد محمد بوزويتينة حاولت تشخيص الموجود والتاسيس للمنشود موضحا ان النيابة العمومية بقيت معلقة بين معوقات قانونية لعل اهم اسبابها تكريس المنظومة التشريعية السابقة وفيها يخضع اعضاء النيابة العمومية حسب الفصل 15 الى سلطة وزير العدل وكل مخالف يتم عزله وعادة ما تأتي التعليمات في صيغة الوجوب ولكنها تعليمات شفوية وليست كتابية.
وبعد الثورة جاء المرسومين عدد 7 و8 بتاريخ 18 فيفري 2011 لاحداث اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق فتداخلت وظيفتها مع وظيفة النيابة العمومية التي وجهت لها عديد الانتقادات بعد الثورة ولعل اهمها التباطؤ في تتبع ملفات الفساد وهي شبهة سعى المحاضر الى رفعها مبرزا ان النيابة العمومية لم تكن تستطيع ان تتحرك مع ملفات لم تتحوز عليها بعد فنسبة 75 % من الملفات لم تتحصل عليها النيابة العمومية الا في مستهل سنة 2012 فضلا عن ان النيابة العمومية لا تمثل سوى 12 % من الاطار القضائي في حين ترد عليها 51 % من جملة القضايا كما ان الفترة الموالية للثورة تميزت بانفلات كبير وحرق لبعض السجون فكان الحل تتبع القضايا دون ايقاف المتهمين رغم ما قامت به بعض مكونات المجتمع المدني من عملية اصلاح للسجن المدني بصفاقس بعد حرقه في مناسبتين.
وبين المساعد الاول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية صفاقس 2 ان النيابة العمومية في تعاملها مع الاعتصامات قامت بتفعيل الفصل 56 مؤكدا على غياب التعليمات الخاصة من السلطة التنفيذية واكد من ناحية اخرى على سعي النيابة العمومية الى استقلالها هيكليا ووظيفيا وابقاء القضاء عموما بعيدا عن التجاذبات السياسية معتبرا انه من المعيب ان يقدم القضاء ككبش فداء لفساد عام.