شدد المخرج السينمائي التونسي مختار العجيمي على ان عدم دخول الأفلام التونسية في مسابقات مهرجان «كان» السينمائي ليس بسبب ضعف الأفلام التونسية، بل بسبب منطق المشاركة في هذا المهرجان العالمي في قطاع السينما. فمنطق المشاركة تحكمه العلاقات الشخصية والمصالح الاقتصادية للشركات متعددة الجنسيات (multi nationales) جاء هذا التصريح في حوار أجرته «الشروق» مع الخرج السينمائي مختار العجيمي صاحب أفلام «باب العرش» و«بيرم التونسي... حصاد المنفي» وآخر أفلامه كان عن شخصية المسعدي وهو فيلم وثائقي تخيّلي روائي، عنوانه «محمود المسعدي... ساحر الوجود».
«كان» والحسابات
وقال «العجيمي» في حديثه عن مهرجان «كان» السينمائي، انه التقى المخرج فاضل الجزيري منذ أسبوعين تقريبا وتحدّثا عن هذا المهرجان، وأردف قائلا: «قال لي فاضل الجزيري تونس لن تدخل «كان» قبل 10 سنوات من الآن على أقل تقدير... وأنا أوافقه الرأي لأنني أعرف هذا المهرجان منذ ما يزيد على 20 سنة...» كما أوضح محدّثنا أن عدم مشاركة الافلام التونسية في مهرجان «كان» ليس لأنها لا تستحق المشاركة وانما لأن 50٪ من الأفلام التي تشارك في كل دورة من مهرجان «كان»، تكون إما بعلاقات شخصية وإما خدمة لمصالح اقتصادية لشركات متعددة الجنسيات، مشيرا الى أن عدة أفلام تدخل مهرجان «كان» بأرقام مالية كبيرة جدا او «مهولة» كما جاء على لسانه.
«ديكتاشوت» جديدي
وتجدر الإشارة الى أن المخرج السينمائي التونسي مختار العجيمي، سيسجل حضوره كالعادة بمهرجان «كان» وفي تصريح خص به «الشروق»، أكد محدثنا انه أعد سيناريو فيلم جديد، سيكون على حد تعبيره من أول الافلام التونسية الروائية التي تحكي عن البلاد التونسية بعد 14 جانفي، وتحديدا سيحكي عن الأمراض العقلية. الفيلم الجديد للمخرج السينمائي مختار العجيمي اختار له صاحبه عنوانا مبدئيا، هو «ديكتاشوت» وسينطلق في عملية الكاستينغ لهذا العمل السينمائي الروائي، اثر عودته من «كان»، وأما التصوير فسيكون بعد شهر رمضان المقبل، فيما سيكون الانتاج للثنائي عبد العزيز بن ملوكة ورضا التريكي.
محمود المسعدي وعن آخر أفلامه «محمود المسعدي.. ساحر الوجود»، تحدّث المخرج مختار العجيمي قائلا «إن فكرة إنجاز الفيلم كانت بمناسبة مائوية هذا الديب، مشيرا الي كونه يعرف جيدا محمود المسعدي، لكنه لم يتعمّق جيدا في معرفة شخصيته من قبل».
وأكد محدثنا أنه عاد الى دراسة هذه الشخصية، لكنه لم يركّز على الجانب السياسي فيها، علما وأن كاتب سيناريو الفيلم هو الكاتب التونسي محمود طرشونة. ويذكر أن فيلم «محمود المسعدي.. ساحر الوجود»، للمخرج مختار العجيمي عرض بتظاهرة «وثائقيات تونس»، وقد نال استحسان الجمهور آنذاك. وعن فيلمه هذا أوضح محدثنا أنه من النوع الوثائقي التخيّلي الروائي.
المخرج السينمائي مختار العجيمي، كان لنا معه هذا الحوار إثر عودته من مدينة تطوان، هناك كان حاضرا في لجنة تحكيم الدورة المنقضية من مهرجان تطوان السينمائي بالمغرب الأقصى، وقد عبّر محدثنا عن سعادته بهذه التجربة، لينتقل بنا وننتقل معه للحديث عن هذا المهرجان وعن السينما المغربية.
يقول «العجيمي» «تطوان مهرجان متخصص في أفلام البحر الأبيض المتوسط، ومدينة تطوان توجد جغرافيا شمال المغرب،وغير بعيدة عن إسبانيا..». ويضيف «هذا المهرجان (تطوان) لا يشبه مهرجان مراكش العالمي، لكن الأخير تجاري، بينما مهرجان تطوان هو مهرجان سينما المؤلف، وهي سينما صعبة الترويج ولها أبعاد ثقافية لا تجارية..».
كان محدثنا، يتحدث عن مهرجان تطوان وعن تحسّنه وتطوره، ولكن بصوت لا يخلو من حزن ومن صمت دفين يخرج بين ثنايا حديثه أحيانا وكأنه يلمّح الى شيء خاص وقريب.. سألناه عن أيام قرطاج السينمائية، فاندثر الصمت نهائيا وأخرج السينمائي التونسي مختار العجيمي ما حزّ في نفسه، تجاه هذا المهرجان التونسي الذي يطلّ كل سنتين، وفي كل مرّة يتأخر عن سابقاتها، ليقول بحرقة إن أيام قرطاج السينمائية فقدت بريقها بشكل لافت للانتباه «وحتى الصحافة العالمية (والكلام لمحدثنا) لم تعد تذكرة أو تتحدث عنه، وهذا نتيجة لعدم مراجعة كاملة وشاملة لهذا المهرجان العريق».
وأكد المخرج مختار العجيمي في سياق متصل أن مهرجان «وقادوقو» على سبل المثال تجاوز أيام قرطاج السينمائية وافتكّ بريقها. وردّ محدثنا الخطأ الى كونه خطأ مشتركا، زاده عدم تنظيم قطاع السينما تدهورا...
ونادى صاحب «باب العرش» بضرورة تنظيم القطاع وضرورة التحضير لكل دورة من أيام قرطاج السينمائية، مع انتهاء الدورة التي سبقتها، وذلك عبر تسخير فريق عمل يشتغل على الدوام، وإلا والكلام للسيد مختار العجيمي فإن مركب الأيام سيغرق.. سيغرق..».