عاد مؤخرا إلى تونس المنتج والمخرج المختار العجيمي من تطوان بالمغرب بعد ان شارك في مهرجان البحر الأبيض المتوسط السينمائي الذي انعقد من 24 إلى 30 مارس كعضو لجنة تحكيم .عن هذه المشاركة الفاعلة وعن جديده وعلاقته بالقطاع السينمائي والتلفزي باعتبار انه ينشط فيهما معا سألناه فكان الحوار التالي : *أصبحت مشاركات عدد كبير من مخرجينا التونسيين وأنت واحد منهم في المهرجانات العربية والدولية كأعضاء في لجان التحكيم أو بالأفلام القصيرة.. والأفلام الطويلة أين هي ؟ -الجدية هي التي أوصلتني وأوصلت المخرجين التونسيين بصفة عامة إلى لجان التحكيم سواء في تطوان بالمغرب أوفي وهران بالجزائر أوفي الإسكندرية والقاهرة في مصر أوفي أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة أما الأفلام التونسية فموجودة في بعض المهرجانات ومؤخرا شاركت تونس في مهرجان تطوان وفي المسابقة الرسمية لهذه التظاهرة السينمائية بفيلمين قصيرين "الطياب" للمخرج أنور لحوار و"مخبل في كبة" للمخرجة ليلى بوزيد و"فلاقة" للمخرج رفيق عمراني وهو فيلم وثائقي عن اعتصام القصبة 2(جائزة أول عمل) وتم تكريم الممثل هشام رستم ولكن غابت السينما التونسية عن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة لهذه التظاهرة السينمائية. أين الثقافة من التلفزة؟ *وماذا عن فيلمك "ساحر الوجود"؟ -"ساحر الوجود" فيلم وثائقي تخيلي يروي حياة زاخرة بالصراع والإبداع والفعل في أحداث تاريخية ويجمع بين شهادات حية وتجسيم سينمائي لمشاهد من أهم أعمال محمود المسعدي الروائية مدته 53 دقيقة وقد بدأ فيلمي يعرض في دور الثقافة والشباب بمناسبة احتفال تونس بمائوية المسعدي وهو من بطولة الحبيب غزال والعروسي الزبيدي وعبير عمري وغيرهم. *لماذا لم نشاهده بالتلفزيون التونسي ؟ -لا لم تبثه التلفزة رغم انه جاهز منذ أشهر ورغم أننا نحتفل هذه الأيام بمائوية المسعدي ولا أعتقد أن لها نيّة برمجته أصلا لقد أنتجته بمساهمة وزارة الثقافة وللأسف هناك تراجع في بث البرامج الثقافية ونحن الآن نعيش عصر «تلفزات المزابل: وأين هي من الثقافة؟» *وماذا ومن تقصد؟ -أنا لا أعرف كيف تصرف التلفزة مئات الملايين لتعرض مقابلة في كرة القدم مثلا ولا تبث الأعمال التي تهتم وتحفظ الهوية والتراث والأصالة لأنها لا تهمها ونحن في عصر العولمة ضائعون في الضبابية والظلام حيث لا يلتفت إلى البرامج التربوية والثقافية وهذا بسبب انعدام الثقافة لدى المسؤولين رغم انه أصبح بإمكان البرامج الثقافية اليوم أن ترفع من نسبة المشاهدة خاصة وأن بعض القنوات العربية وصلت بجودة برامجها الثقافية إلى الترفيع من نسبة مشاهديها. إننا نعاني من نقص في المبادرة والرؤى المدروسة. *وهل من جديد في مسيرة المختار العجيمي السينمائية؟ -نحن اليوم نستعد لمهرجاني «كان» و» قرطاج» لذا سأبدأ في تصوير فيلم روائي سينمائي طويل عنوانه المؤقت « ديكتاشوت «وهو من النوع البسيكودرامي النفسي ويتناول وضعية الذين يدعون الإصابة بالأمراض العقلية وسأعمل بجهد ليكون هذا الفيلم الحدث في الموسم السينمائي 2013 مع العلم إنني سأبدأ الكاستينغ في صائفة 2012 .»ديكتاشوت» سينتجه عبد العزيز بن ملوكة CTV ورضا التركي IMF وسيكون من أول الأفلام التي سيقع إنتاجها بعد ثورة 14 جانفي 2011. *وما رأيك في وضعية السينما التونسية بعد الثورة؟ -إذا أردنا أن ننقذ السينما أو السمعي البصري في تونس بعد الثورة وننظم القطاع لا يجب أن نتخاذل في الأشهر القادمة لنرى ظهورا ناجعا وفاعلا للمركز الوطني للسينما والصورة الذي سينظم القطاع ككل والعلاقة مع القنوات التلفزية ومحاربة القرصنة والبحث عن مصادر التمويل والتوزيع حتى نكف عن التعويل المبالغ فيه على الدولة ويصبح الإنتاج ذاتيا بإعادة هيكلة قطاع الإنتاج وارى انه يمكننا أن نستفيد من تجربة المغرب في هذا المجال- حيث أصبحت بفضل هذا الهيكل تنتج 23 فيلما في السنة- وتجربة فرنسا. وارى أنه بالترفيع في كمية الأفلام التي ننتجها سنويا نتمكن من الرفع في مستوى ما ننتجه من الأفلام من ناحية الجودة علما بان النهوض بهذا القطاع يمكن ان يوفر مواطن الشغل لعدد كبير ممن يعانون من البطالة كما ان القطاع الإعلامي والسمعي البصري والسينمائي هو الذي إذا تطور يصنع الثورة الثقافية التي ننشدها .وعلى القنوات التلفزية الجديدة خاصة ان تغيرعلاقتها بالسينما فتعمل على ان تساهم في الإنتاج وتعرض الأفلام بالتوزيع الجيد وبث الأفلام في التلفزة نستطيع ان نتجاوز هذه الأزمة. نفس جديد لمهرجان قرطاج *ما هي آفاق العمل بالنسبة إلى السينمائيين الشبان؟ -ان تنظيم العمل في مهرجان قرطاج السينمائي الدولي مثلا يستطيع أن يفتح آفاقا جديدة للسينمائيين الشبان فقد أصبح من الضروري أن نعيد النظر في أساسيات المهرجان ونمكنه من نفس جديد ونخلصه ممن يغلب المصالح الشخصية على المصلحة العامة دون أن تضيع هويته باعتباره أقدم مهرجان سينمائي في العالم العربي وفي إفريقيا وبهذا ستتوفر للشباب الفرصة وهذا لا يتوفر إلا بالإرادة السياسية الصادقة التي تدفع إلى الأفضل وتبتعد من الطريق وتترك التسيير لأهل الاختصاص. ان مشكلة السينما التونسية هي وجود نفس الأسماء في كل الأفلام تقريبا وهذا يعود إلى قصور بعض المخرجين عن تخيل الجديد الذي يثري تجارب الممثلين ويجعلهم يجددون أدوارهم ومثل هذا الإشكال كذلك يتم تجاوزه بالترفيع في الكم. كما انه على السينمائيين المتقدمين في السن والتجربة ان يوفروا لأنفسهم وقفة تأمل ويمنحوا للشباب فرصة اكتساب التجارب والخبرة. *السينما التونسية هل مازالت تحتاج إلى التمويل الخارجي ؟ -نحن اليوم نحتاج لان ننجز فيلمين أو ثلاثة على غاية من الجودة حتى نعيد للسينما التونسية بريقها والقها ونعيد لها مكانتها المرموقة في المهرجانات وليعود الجمهور إلى القاعات نحتاج إلى الفيلم الحدث الذي يفتح الأبواب أمام الشباب. ولا بد اليوم من المصالحة بين كل الأطراف الفاعلة في قطاع السينما لنتحاور ونخرج من أزمتنا على أن تقوم الوزارة بدور الحكم. *يرى البعض ان حرية المبدع اليوم في خطر فما رأيك؟ -أنا اعتقد ان حرية المبدع في ذهنه والذي يقتنع بشيء ما يجب أن ينجزه وإلا فانه ليس بمبدع كما أنني أتمنى أن لا يقع التراجع في مكسب الحرية الذي تحصلنا عليه.