ازدادت العلاقة بين اتحاد الشغل وأنصاره والنهضة وأنصارها حدّة بعد نشر بيان المنظمة الشغيلة يوم أمس مع تواتر الدعوة إلى المزيد من الإضرابات وتهديد بعض ناشطي النهضة بمسيرة احتجاجية يوم 25 ماي ضد نقابة التعليم الثانوي. عاد اتحاد الشغل إلى قلب الصراع بين الناشطين التونسيين في الموقع الاجتماعي خصوصا بعد نشر محتوى بيان المنظمة الشغيلة يوم أمس الذي رفض أغلب مقترحات الحكومة وخصوصا إرجاء مفاوضات الزيادة في الأجور عاما كاملا مما جعل بعض نشطاء النهضة يعتبرون بيان يوم أمس «إعلان حرب» على الحكومة كما جاء في صفحة قريبة من النهضة.
والواقع أن كثيرا من الناشطين القريبين من النهضة بدأوا الحملة على اتحاد الشغل قبل نشر بيانه يوم أمس، في إطار التوتر المستمر بين أنصار الحركة واليسار. ومنذ أيام يقود ناشطون مساندون للحكومة حملة تحت شعار: «لا أريد زيادة في أجرتي، لكن أريد تشغيل المعطلين عن العمل»، وينشرون مقالات وتعاليق كثيرة تعارض الزيادة في الأجور بحجة أن وضع البلاد الاقتصادي لا يتحمل ذلك، وأن الاستثمار في المشاريع المشغلة لمئات الآلاف من العاطلين أكثر أولوية من الترفيع في الأجور. كما ينظم ناشطون من النهضة وأنصار ثلاثي الحكم حملة ضارية على نقابة التعليم واتهامها بابتزاز الحكومة، حين تهدد بالإضراب والامتناع عن إصلاح الامتحانات أو تعطيلها إلا إذا وافقت الحكومة على مطالب النقابة.
في مقابل ذلك، يساند نشطاء اليسار والمعارضة من كل الأطياف والتوجهات مطالب اتحاد الشغل، وكثير من نشطاء اليسار يفعلون ذلك نكاية في الحكومة وخصوصا حركة النهضة، ونشر ناشط يساري شاب مقتطفات فيديو من بيان اتحاد الشغل تحت عنوان أثار غضب أنصار النهضة والحكومة، جاء فيه: «حسين العباسي يحمّر عينيه للحكومة: لا مجال لعام أبيض». وبعد ذلك، اكتشفنا أن «العين الحمراء» أصبحت عنوان أغلب الصفحات المسيسة، وأن الغضب وتحمير العينين يتكرر من طرفي النزاع.
واستغل نشطاء المعارضة بيان الاتحاد على نطاق واسع لمهاجمة الحكومة، وجاء في صفحة ناشط يساري من جيل الستينات: «الجماعة يدافعون بقوة على التعويض لمساجينهم وعلى المصاريف الزايدة لنواب التاسيسي، أما عندما يتعلق الأمر بالمواطن، تصبح الدولة في أزمة، ويحبون عاما أبيض بلا زيادة ولا مفاوضات». يهاجم نشطاء اليسار الحكومة دائما من باب التعويضات الموعودة للمساجين السياسيين، وهو موقف يلقى مساندة من ناشطين محايدين وغير مسيّسين بحجة أن النضال السياسي ليس عملا يتطلب أجرا أو جزاء، وأن أغلب الشعب التونسي كان ضحية للاضطهاد من فئة قليلة استأثرت بالحكم وبخيرات البلاد، في هذا المجال، يكتب ناشط حقوقي محايد: «لا ذنب للشعب التونسي فيما حدث لمناضلي النهضة أو غيرهم حتى يتحمل اليوم تبعات التعويض، إما أن نقر أن الدولة تمر بأزمة، ولا ندفع التعويض، وإلا فالفقراء والمحتاجون أولى بهذا المال».
ومع نشر بيان اتحاد الشغل يوم أمس، ازدادت العلاقة توترا وحدة بين أنصار النهضة وثلاثي الحكم من جهة والمنظمة الشغيلة وأنصارها من اليسار والمعارضة من جهة، واعتبر بعض أنصار النهضة أن بيان اتحاد الشغل يوم أمس كان «إعلان حرب على الحكومة»، ولم يتضمن دعوات للتفاوض أو التعاون على هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد، كما نشر بعض أنصار النهضة دعوة إلى المواجهة خصوصا ضد نقابة التعليم الثانوي التي يتهمونها بأنها «تريد نسف مجهودات عشرات آلاف العائلات التونسية التي تنتظر بفارغ الصبر حصاد سنة دراسية».
من خلال منا ينشر في الصفحات التونسية، تبدو الأيام القادمة محملة بالمزيد من التوتر والصراعات والمواقف العدائية، حتى أن ناشطا شابا كتب للذين رثوا الفنانة وردة الجزائرية: «كمية كبيرة من الدموع على فراق وردة، بربي يزيو من الحنين واتفكروا أنو البلاد في حاجة للدموع»، للدموع أم لمن يفكر في مصلحتها بعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة ؟.