يبدو المشهد التونسي اليوم معقّدا وعاد شعار «ارحل» الى الشارع في العديد من جهات أرض الوطن. هذا الشعار الذي انفجرت به حناجر أبناء الشعب إبّان ثورة 14 جانفي
والذي ارتكز على العديد من الأسباب الموضوعية والذي لمّ شمل أغلبية التونسيين من اليسار واليمين والوسط. هل ان هذا الشعار له ما يبرّره اليوم؟ قد يكون رافعوه لهم من المبرّرات والحجج لرفعه ويرد عليهم المعنيون بالشعار أنكم ضد الشرعية وبين هذا وذاك يشتدّ الصراع والشد والجذب وكيل التهم ويقف الشعب علي شفا حفرة من حرب كلامية قد تتحول الى ما لا يحمد عقباه. هذا المشهد يبعث فينا حيرة وأسئلة حارقة أولها الى أين نحن سائرون؟
السير عادة يكون الى الأمام لكن سيرنا اليوم وهذا لا يخفى على أحد صار في حلقة قد تعود بنا الى النقطة الصفر إذا ما تواصل هذا النزيف المدمّر، ولأننا نعشق هذه الأرض الطيبة ونخاف على رغيف خبز الكادحين فيها نقول لهؤلاء دون أن نستثني أحدا «قف Stop» لنا في أرضنا ما نفعل وكفانا من الحسابات الحزبية الضيقة ويكفي من استفزاز الناس وتهديدهم في قوتهم وأن صدورنا قد ضاقت من الخطابات السياسوية التي لا تصبّ إلا في خانة المصالح الحزبية الضيقة فلا وزراء الحكومة خرجوا من خطة الناطق الرسمي بأسماء أحزابهم ولا أعضاء التأسيسي مثلوا رؤية جهاتهم في صياغة الدستور بل صارت أزمة السكن تتهدّدهم فنسوا هموم ناخبيهم وأغلقوا على أنفسهم قاعة الاجتماعات وكأن الأمر جلل ولا أحزاب المعارضة خرجت من بيانات الحملات الانتخابية السابقة لأوانها. كل هذا يحصل والأزمة تكبر ولا من حديث عن التوافق من أجل الخروج من هذا النفق المظلم، هذا التوافق الذي أنقذ البلاد بُعيْد الثورة وأبهر العالم يوم كان لا وجود لشرعية ولا لمعارضة بل كان الشعب يحرس الديار بعيون متيقّظة. واليوم وقد صارت المصالح الحزبية فوق كل شيء نعيد سؤال البدء الى أين نحن سائرون؟