اعترف العديد من متفقدي مادة العربية والأساتذة والمصححين بأن ما حدث من تسريب مادة العربية خلال امتحان الباكالوريا يعتبر صدمة أصابتهم في الصميم ورغم جلل الحادثة فإنها لن تؤثر على مصداقية الشهادة ومقاييس الاصلاح والمهم العمل على تجنيب المؤسسة التربوية كل التجاذبات السياسية. فقد أكد الأستاذ الهاشمي العرضاوي (منسق متفقدي مادة العربية) بأنه دون مبالغة او تهويل ودون مزايدة ان ما حدث من تسريب امتحانات الباكالوريا مرفوض صحيح ان ثمة وقائع سابقة في بلادنا وبلدان أوروبية تؤكد ان هذه الحادثة واردة ولكن ما حدث من تسريب لاختبار العربية مزعج لأنه جاء في سياق يجتهد فيه التونسيون في مرحلة انتقالية في إعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
ولهذا فباسمي وباسم جميع متفقدي العربية بل جميع المتفقدين في وزارة التربية نعبّر عن أسفنا مما جرى فما حدث مقرف ومؤلم بل هو عمل اجرامي كما جاء في بلاغ وزارة التربية من قام به دبّره في ليله ولا يمكن ان يكون الا من خفافيش الظلام، أعداء الثورة وأهدافها وأعداء شهداء الثورة وجرحاها أعداء الشعب الذين طالبوا بالكرامة والحرية والحق لأن ما حدث هو اعتداء على المدرسة، مدرسة أبناء الشعب ومحاولة بائسة لاغتيال أحلام تلاميذنا ومطامحهم وحقهم في التربية والتعلّم والثقافة.
لأن المدرسة مرفق عمومي ينفق عليه الجميع حتى تكون تونس أفضل ويكون أبناؤها قادرين على المساهمة في بناء الحضارة والحداثة ومشاركين شباب الأمم المتمدّنة في صنع التقدم المعرفي.
وأفاد: «أطلب من الأولياء ان يواصلوا تأطير أبنائهم وأن يعلّموهم دائما أن الامتحان لا يكون امتحانا الا إذا تساوت فيه الحظوظ بين جميع التلاميذ. ومن كل مكوّنات المجتمع المدني (من جمعيات وأحزاب) ان تحيّد المدرسة وتبعدها عن التجاذبات السياسية وان تحميها من الفساد بأن تطالب بكشف ومحاسبة الفاسدين وإحالتهم على القضاء.
كما أدعو كل التلاميذ الى التركيز في باقي الاختبارات وان لا يكفّوا عن الحلم بأن المستقبل لهم وأنهم هم صانعوه بالمثابرة والاجتهاد ومقاومة الغش والفساد. كما أطلب من كل زملائي (المربين الأساتذة، المتفقدين والإداريين) ان يضاعفوا اليقظة والجهد لإتمام الامتحانات الوطنية».
من جانبها أكدت السيدة سلوى العباسي بن علي (متفقدة المدارس الاعدادية والمعاهد بأريانة) بأن تسريبات المواد في امتحان الباكالوريا حدثت في السابق وفي كل مرة تعمل الجهات المسؤولة على الحدّ من تأثيرها وإشعاعها وتعمل على إطفاء الحريق في الإبان.
وقالت: «بصفتي مربية ومتفقدة أحمّل نفسي مسؤولية ما حصل ليس من تسريب مواد الامتحان وإنما بسبب الصناعة المرتجلة لامتحان الآداب. وطالبت بضرورة ان تصبح صناعة الامتحانات تابعة لهيكل هو المعهد الوطني للتقييم الذي هو في علاقة بالمجلس الأعلى للتربية لتكون عملية صناعة الامتحانات عملية مخبرية تنجز بطرق علمية تخضع لمناهج ومقاربات وقاعدة بيانات احصائية تجمع المواضيع وتدرّس على طريقة التواتر والتكافي وبالاستناد الى تقارير لجان الاصلاح في امتحان الباكالوريا. كما دعت الى تجنيب المؤسسات التربوية كل التجاذبات السياسية واصلاحها وتحييدها وعدم اخضاعها لسياسة الأهواء والمحسوبية.