كيف يرى الروائي المصري مكاوي سعيد تطوّرات الوضع في مصر بعد صعود الاخوان والسلفيين؟ «الشروق» إلتقته في القاهرة في هذا الحوار.
الركض وراء الضوء فئران السفينة تغريدة البجع ومقتنيات وسط البلد... هذه اشهر اعمال الروائي المصري مكاوي سعيد الذي يعد الان من ابرز الكتّاب المصريين.في مجلسه اليومي في القاهرة على رصيف مقهى زهرة البستان على بعد خطوات من مقهى ريش الشهير يتحلّق كتّاب وفنانون حول مكاوي سعيد هذا الكاتب الذي نجح في تحويل تفاصيل الحياة القاهرية الى اعمال ادبية اسرة. «الشروق» إلتقته في مقهى البستان في هذا الحوار.
صعود السلفيين والاخوان الى الحكم في مصر ألا يشكّل ذلك خطرا على حريّة الإبداع والتفكير في مصر؟
طبعا، هذا فيه خطر لكن لن يكون خطرا كبيرا لانهم يحتكمون للصناديق في حين نحتكم نحن الى الشوارع لان الثوّار الحقيقيين مازالوا مرابطين في الميدان لضمان استمرار الثورة وأخذ حق الشهداء.
هم نظّموا صفوفهم ودخلوا الى البرلمان وتقدّموا في الانتخابات الرئاسية لكن الشباب المصري مازال مصرّا على المقاومة والرّفض ومن الافضل ان يكتشف الشعب هؤلاء على صورتهم الحقيقية حتى يعرفوا من هم، لا اعتقد انّهم قادرون على السيطرة على المجتمع المصري وتغيير عاداته حتى وإن انتصروا في الانتخابات.
افهم من كلامك انّه لا خوف على مصر؟
لا إطلاقا السلفيون والاخوان ليسوا مصدر تهديد بل المؤسسة العسكرية هي مصدر التهديد الحقيقي فالمؤسسة العسكرية لا تريد ان تتخلّى عن التدخّل في الحكم.
صعود التيارات المتطرفّة تراه ظاهرة عابرة؟
طبعا، هم يختبئون وراء لافتات ليست مؤثرة من نوع الحجاب والنقاب وغلق الحانات والمطاعم ... طيّب لو قمنا بها ماذا ستفعلون في الصحّة وفي التربية وفي البطالة والمشاكل اليومية والمعاهدات الدولية التي وقّعتها مصر مع دول اخرى ماذا ستفعلون فيها.
ألا ترى ان صعود التيارات الإسلامية يندرج ضمن مشروع اكبر على علاقة بالنظرة الامريكيةالجديدة للعالم العربي ؟
طبعا هذا احتمال، انا اندهشت لما حدث في تونس التي زرتها قبل ثلاث سنوات ولاحظت ان هناك طوابير امام الاجنحة التي تعرض كتبا تتحدّث عن إسلام غريب لا علاقة له بالاسلام في معرض الكتاب وهذا كان لافتا لي الحقيقة لأني اعرف ان تونس بلد له جذور قديمة في التحديث والتنويروالحركة الإصلاحية.
لكن ألا ترى ان هذا النتيجة الطبيعية لفشل مشاريع التنمية التي رفعتها الانظمة التي تولّت الحكم بعد الاستقلال ؟
نعم، ايّام الزلزال في القاهرة شاهدت الالاف يتوجّهون الى المساجد طلبا للرحمة واخرين مثلهم امام الحانات التي ضاقت بهم يشربون الخمر. هذا واقع الانسان كل واحد يختار حياته التي يريد من يريد ان ينهي حياته متضرّعا الى اللّه ومن يريد ان ينهيها وهو ثمل.
جبهة الابداع التي اسستموها ماهو دورها بالضبط؟
نحن أسسنا هذه الجبهة ونظمنا في إطارها مسيرة ضخمة من اجل فرض احترام الحقوق الإبداعية ومدنية الدولة ورغم ما يقال عن وجود بعض انصار النظام السّابق فإنّ المهم في رأيي اليوم هو الاتحاد ضدّ الفكر الرجعي الفاشي الذي يريد ان يعيدنا الى القرون الوسطى المعركة واحدة الان من يمس الفنان ممثلا كان او مطربا او سينمائيا او نحاتا هو في نفس الوقت يمس المواطن البسيط الذي يصادرون حريته وقراره باسم الدين وهم لا علاقة لهم بالدين. الفاشلون في التعليم ممن حفظوا بعض الايات والاحاديث النبوية الشريفة وعناوين بعض الكتب يقدمون انفسهم على اساس انهم فقهاء دين يريدون ان يعلموننا الدين الإسلامي دون ان تكون لهم اي كفاءة ولا علم ولا معرفة.
في تونس كما في مصر هناك كتب كثيرة صدرت عن الثورة في فترة قصيرة. كيف ترى هذه الظاهرة؟
عشرات الكتب صدرت عن الثورة في الثورة، اهميتها ربما انّها تسجيلية يعني تؤرّخ ليوميات الثورة اما التي تقرأ الثورة فمازال الوقت مبكّرا لان كتابة رواية عن الثورة تحتاج على الاقل خمس سنوات هؤلاء ركبوا الموجة ويكتبون اي كلام للتسويق فقط ولا اعتقد ان لها اهمية فنية او قيمة ادبية. تماما مثل الكتب التي صدرت عن الحرب العالمية او 23 يوليو او غيرها.
ميدان التحرير شغلك هذا العام عن الكتابة فيما يبدو لي؟
نعم بدأت كتابة شئ عن الثورة لكن لم اتمكّن من إنهائه ومازال عندي الوقت.
كيف ترى المسار السياسي في مصر؟
هناك حراك كبير جدا في الشّارع المصري، الان الجميع يتحدّث في السياسة وزال الخوف في السّابق كان اصحاب المقاهي يضيقون على النشطاء السياسيين ويمنعونهم حتى من الجلوس خوفا من الامن. الان هناك حراك إيجابي وزال الخوف تماما وهذا شيء مهم جدا.
ماذا تحققّ الان؟
الناس لم تعد تهاب أحدا وهذه اوّل خطوة لبناء فكر المواطنة، في كل الشوارع تجد شبابا يكتبون اسماءهم وارقام هواتف عائلاتهم على اجسادهم استعدادا للموت في المظاهرات هذه ثقافة جديدة لم تكن موجودة.