غريب ما يحدث في الوكالة التونسية للتكوين المهني، نقابة عامة تراسل المدير العام للوكالة التونسية للتكوين المهني في أربع مناسبات قصد تحديد موعد لعقد جلسة عمل لمتابعة مدى انجاز بعض المسائل المهنية المضمنة بمحاضر اتفاق ممضاة مع المدير العام السابق ولا تتلقى أي رد، ولم يكن هذا من باب السهو أو ضيق الوقت إذ أن هذا المدير العام أعلنها صراحة وفي عديد الاجتماعات بالأعوان أنه يرفض الجلوس مع النقابة بسبب ما يزعمه من خلاف بينه وبين الكاتب العام ثم يردف ذلك ببيان عبر الشبكات الاجتماعية حتى يتأكد من تبليغ موقفه لجميع الأعوان. هذا ما صارت عليه أوضاع إدارتنا التونسية، ادارة تصدر بيانات عبر الشبكات الاجتماعية. وأمام هذا التعنت والاصرار على شخصنة الامور كتعلة لضرب الحق النقابي يتدخل المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل لدى سلطة الإشراف في مناسبة أولى عن طريق الأخ نور الدين الطبوبي الأمين العام المساعد المسؤول عن النظام الداخلي وفي مناسبة ثانية عن طريق الأخ المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد المسؤول عن النزاعات والتشريع قصد تنقية الأجواء والتعامل بمهنية مذكرين أن الحق النقابي في الحوار والتفاوض يكفله الدستور وجميع القوانين والتراتيب الدولية، وللأسف الشديد ورغم تعهد وزير التكوين المهني والتشغيل بالتدخل وإلزام المدير العام بالتفاوض من خلال جلسة يشرف عليها شخصيا واصل المدير العام تصرفاته السلبية واللامسؤولة تجاه الطرف النقابي.
واعتبارا أن الحوار الاجتماعي يعود بالنظر إلى وزارة الشوون الاجتماعية التقى الأخ كمال سعد الأمين العام المساعد المسؤول عن المؤسسات العمومية والدواوين، ومنشآت الاتحاد صحبة الأخ الكاتب العام لنقابة التكوين المهني والتشغيل والهجرة مع السيد وزير الشؤون الاجتماعية وأحاطاه علما بكل الحيثيات وطالباه بالتدخل قصد إيقاف هذه المهزلة حتى نتفادى اللجوء إلى إضراب قطاعي في هذا الظرف الحساس الذي تمر به البلاد. ولكن من الواضح أن سلطة الإشراف والإدارة العامة اعتبرتا هذه المساعي من باب الضعف. وفي حين كان الطرف النقابي يطرق جميع أبواب الحوار أقدم المدير العام على اتخاذ جملة من الإجراءات تتضارب مع القوانين والنظام الأساسي الذي ناضلت من أجله أجيال بتعلة أنها إجراءات ثورية تحرره من التقيد بالقانون متناسيا أن الانضباط للقانون هو من أسمى أهداف الثورة. وأمام هذه الأحداث المتتالية دعت النقابة العامة الهيئة الإدارية القطاعية للانعقاد يوم 29 ماي 2012 التي اتخذت وبالإجماع الدخول في إضراب كامل يوم 12 جوان 2012 بكل مراكز التكوين المهني والإدارة العامة. ومن غرائب الأمور أن تدعو وزارة الشؤون الاجتماعية الى جلسة مصالحة يوم 08 جوان 2012 بقصر الحكومة بحضور كل من السيد مستشار رئيس الحكومة، السيد رئيس ديوان وزير الشؤون الاجتماعة والسيد المتفقد العام للشغل والمصالحة.
وقد لبى الطرف النقابي الدعوى وأمام تغيب المدير العام طلب ممثلو الحكومة من الطرف النقابي تأجيل الجلسة ليوم 11 جوان 2012 الذي قبل، وللمرة الثانية يتغيب المدير العام مما أثار غضب السيد مستشار رئيس الحكومة الذي اتصل به هاتفيا وطلب منه الالتحاق بالجلسة لكن ورغم ذلك التحق هذا الأخير بقصر الحكومة حيث اجتمع بالسيد المستشار والسيد المتفقد العام للشغل والمصالحة معلنا عدم استعداده لحضور الجلسة...
لقد رمى عرض الحائط وبكل الحق النقابي وقطع كل السبل لتفادي الإضراب، علما وأن الإضرابات لم تكن يوما من تقاليد قطاع التكوين المهني ناهيك وأنه ولمدة عشرين سنة تتالى فيها على الوكالة عديد المديرين العامين لم يشهد القطاع أي إضراب وذلك لايمان النقابة العامة بجدوى الحوار الاجتماعي وثقتها بقدرتها على تحقيق المطالب الشرعية للأعوان عبر التفاوض ولكن يبدو أن هذه التقاليد لا تروق للمدير العام الحالي. إن الاستبداد بالرأي وتجاهل القانون هو أول خطوة نحو الدكتاتورية وهو تضارب صريح مع المسار الديمقراطي الذي يسعى الجميع لإرسائه. وفي الختام نتساءل : كيف تسمح الحكومة بهذا؟
جبران بوراوي الكاتب العام المساعد للنقابة العامة للتكوين المهني والتشغيل والهجرة