مثل مهرجان عقارب للفروسية أو«الزيارة» كما يحلو للأهالي تسميته لسنوات فضاء ثقافيا احتفاليا وموعدا تجاريا يحرك الدورة الاقتصادية للمدينة بحكم توافد آلاف الزوار عليها من جهات عديدة. وبعد أن بلغ الخمسين وأخذ بعدا مغاربيا منذ سنتين أصبح هذا المهرجان في خبر كان. عوامل ذلك عديدة منها غياب الدعم المالي الذي فرضته الثورة وعدم استقرار العامل الأمني حيث كان يعتمد على البلدية والمعتمدية بصفة كبيرة إلى جانب مساهمة المندوبية الجهوية للثقافة وبعض المؤسسات الصناعية المنتصبة بمدينة عقارب.
إلا أن غياب هذا المهرجان على حد تعبير العديد من محبيه ورواده وحتى المستفيدين منه تجاريا أثر سلبا وبشكل لاحظه الجميع في السنة الماضية إذ كان يمثل فرصة للحرفيين وصغار التجار والمقاهي لتنشط بقوة طوال أيام المهرجان حيث تزدهر حركة البيع والشراء بشكل لافت كما يجمع المهرجان شتات العائلات إلى جانب كونه فرصة لأبناء المدينة وخصوصا التلاميذ منهم حيث يواكبون مختلف التظاهرات والعروض لاسيما عروض الفروسية التي طبعت المهرجان بطابع خاص وميزته عن بقية المهرجانات والتظاهرات الثقافية إلى جانب صبغته الترفيهية في غياب الفضاءات المرفهة.
ورغم التأثير الواضح لغياب المهرجان على الساحة الثقافية والتجارية إلا أنه بقي يثير جدلا واسعا بين مختلف الأطراف داخل عقارب بين رافض له بحجة غياب المال والتخوف من الوضع الأمني وبين مؤيد بشدة لإعادة ضخ دماء جديدة للمهرجان والتفكير في آلية عمل وفريق جديد يمكن أن يعيد الروح إليه تدريجيا حتى لا يضيع حلم جهة بنته أجيال عاما بعد عام
عشرات الفرسان في خبر كان
غياب المهرجان ألقى بظلاله أيضا على فرسان الجهة المولعين بتربية الخيول وإعدادها خصيصا لمثل هذه المناسبة حيث تمثل لدى العشرات من أبناء عقارب وما جاورها مورد رزق وهواية مفضلة توارثها الأحفاد عن الآباء والأجداد وما وجود جمعية لتربية الخيول بمدينة عقارب إلا دليل على أن الفروسية جزء من الذاكرة الشعبية وموروث ثقافي كبير مهدد بالاندثار ما لم تتحرك السلطات المحلية والجهوية لإعادة هيكلة مهرجان عقارب للفروسية من جديد خصوصا وأن الجهة تتوفر على مخزون من التراث وكفاءات فنية في مجالات الغناء والموسيقى والمسرح قادرة وحدها على تأثيث أيام المهرجان دون تكاليف كبيرة مع المحافظة على عنصر الفروسية كالسباقات والاستعراضات و«المداوري» التي ميزت المهرجان سابقا وأعطته خصوصية جهوية ووطنية.
وفي كلمة ل«الشروق» أكد السيد جمال بن مسمية وهو فنان مهتم بالتراث المحلي أن غياب المهرجان خسارة كبرى لعقارب حيث سيترك فراغا لدى الأهالي ويؤثر على الحركة التجارية والثقافية لأن الجهة تعج بعديد المواهب والفرق الموسيقية التي يمكن أن تنقذها المهرجانات من الركود وتخفف عنها الصعوبات. يذكر أن جمال بن مسمية عايش المهرجان كفنان وإعلامي منذ سنوات وهو يدعو إلى فتح ملف المهرجان من قبل الناشطين في المجتمع المدني والحقل الثقافي لإيجاد آلية تعيد الروح لمهرجان الفروسية.