من اليسير للمتابع للمشهدين الاعلامي والسياسي التونسي ان يكتشف ان اكثر المصطلحات استعمالا في بعض الاوساط هذه الايام مصطلح «السلفية» الذي يرمز به الى صنف من الاسلاميين الذين يسعون لتغيير المجتمع من فوق. عنهم يصدر العنف والارهاب الفكري والمادي. هكذا يؤمن من يستعملون هذا المصطلح وهكذا يريدون تكريسه وغرسه في الذهنية التونسية.
والغريب ان هذه الطبقة السياسية والاعلامية اوكلت لها نفس المهمة في اواخر العهد البورقيبي وطيلة العهد النوفمبري حيث استنبطت سابقا مصطلح «خوانجية» وهو مصطلح ألصق بكل من له ميل لحركة الإخوان المسلمين العالمية او انتمى لحركة الاتجاه الاسلامي سابقا النهضة حاليا. مصطلح حاربوا به الظاهرة الدينية فاستعمله الساسة والاعلاميون وحتى «المبدعون» وكم من «مسرحي» و«سينمائي» تحصل على الدعم بفضل محاربته «للخوانجية» وكم من اعلامي نال الاوسمة بفضل ما حبره حول «الخوانجية».
وها ان اليوم نفس الجهات تحاول إعادة نفس السيناريو ولكن بتغيير طفيف على المصطلح فعوض «خوانجية» نجد سلفية.هذه الجهات لم تستوعب ان المشهد تغير والمجتمع تغير والعقل التونسي تغير.
هذه الجهات لم تستوعب ان 50 عاما من اللائكية منها 23 عاما في تجفيف المنابع لم تفض سوى لتضاعف ظاهرة التدين اضعافا. وهو أمر ليس خاصا بتونس فقط انما هو ظاهرة عالمية لها اسبابها ومسبباتها الموضوعية.
أفلم يئن الأوان لهذه «النخبة» ان ترتقي لمستوى المرحلة ولمستوى ذكاء التونسي وتتخلى عن هذه الحروب الايديولوجية وتكرس خبرتها وذكاءها في فتح الملفات الحارقة التي تتطلبها المرحلة وتساهم في كشف ملفات الفساد وتساعد على استكمال مسار الثورة وتحارب التطرف بمختلف مظاهره يمينا ويسارا بأساليب ذكية بنشر العلم والتشجيع على الانفتاح وليس بسياسة ما تكرر تقرر وتترك سياسة التهويل والتضخيم لان التونسي أذكى مما يتوقعه بعض من يقدمون انفسهم أوصياء عليه.التونسي في الحي الشعبي يدرك انه ليس كل ملتح متدينا وليس كل متدين «سلفيا» بالمفهوم اليساري . وليس كل سلفي متطرفا وليس كل متطرف اسلاميا.
الشعب التونسي مسالم وسيبقى كذلك فهلا غير هؤلاء مصطلحاتهم وأساليبهم؟
من جهة اخرى هل تدرك بعض الجهات الموصوفة بالسلفية انها ببعض ممارساتها غير المسؤولة والبعيدة كل البعد عن صفات السلف الصالح واخلاق النبوة السمحاء انها منحت الفرصة للمتلاعبين بالمصطلحات بتحقيق مخططاتهم؟