بلغ احتياطي الذهب في تونس ستة فاصل ثمانية طن منها واحد ونصف طن مودعة لدى بنك انقلترة وهي قيمة لم تتغير منذ عشرين سنة لكن كم يستهلك التونسي من الذهب سنويا وما هي الشرائح الاجتماعية الاكثر اقبالا عليه وهل اثرت الثورة في نظرة التونسيين الى هذا المعدن النفيس؟ لم يهتم التونسيون بالذهب في حياتهم اكثر من تلك الايام التي تلت ثورة الرابع عشر من جانفي لما تناولت وكالات الانباء خبر هروب زوجة الرئيس السايق زين العابدين بن علي الى الخارج ومعها كمية من الذهب قدرت بواحد ونصف الطن اي ما يعادل ربع احتياطي البلاد من هذا المعدن النفيس وبين مكذب ومصدق جاءت تقارير البنك المركزي التونسي لتفند تلك الاشاعات وتؤكد سلامة احتياطي تونس من الذهب.
والحقيقة ان الاحداث التي شهدتها تونس غداة الثورة تسببت في فقدان ما قيمته خمسين مليون دينار من الودائع التي كانت مؤمنة لدى القباضات المالية في شكل رهنيات اي ما يعادل واحد فاصل ثلاثة طن من الذهب هي عبارة عن حلي ومصوغ وسبائك على ملك الافراد تم نهبها في تلك الاحداث ولا يزال مصيرها غامضا الى اليوم رغم امتلاك اصحابها لوثائق تؤكد ايداعهم لمصوغهم لدى القباضات المالية وهي مؤسسات خول لها القانون القيام بعمليات رهن المصوغ والمعادن النفيسة والاحجار الكريمة شريطة ان تكون حاملة لطابع البنك المركزي التونسي كدليل على ان ذلك المصوغ خضع للتراتيب القانونية اللازمة في تعيير قيمته عند عملية طرحه في السوق.
ويبلغ سعر الغرام الواحد من الذهب في تونس عند الشراء ستين دينارا لينزل عند البيع الى اربعين دينارا والمقصود هنا بالشراء هو الذهب الجديد الذي يطرحه الحرفيون اما البيع فيتعلق بما يعرضه الافراد من ذهبهم على اصحاب محلات المصوغ.
وكان السيد حافظ بن منصور رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ قد فسر ارتفاع ثمن الذهب في تونس بتزايد الطلب عليه في الاسواق العالمية نتيجة هروب المستثمرين والمدخرين في اغلب بلدان العالم الى هذا المعدن كاجراء حمائي بعد انهيار البورصات العالمية وتراجع قيمة العملات العالمية الاكثر قوة كالدولار واليورو وهو ما جعل هؤلاء المستثمرين والمدخرين يحتمون بالذهب للحفاظ على ثرواتهم من التقلبات التي تشهدها الاسواق المالية العالمية.
هذا الامر ادى الى تراجع اقبال التونسيين عتى الذهب لارتفاع اسعاره لتنزل الكمية المتداولة في تونس منذ بداية السنة الى اربعين كيلوغرام بعد ان كانت في السنوات الماضية في حدود تسعين وحتى مائة كيلوغرام.
في المقابل نشطت سوق اخرى وهي سوق بيع التونسيين لمصوغهم نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت ولا تزال تمر بها البلاد ورغم غياب الارقام فان اكثر من مائتي كيلوغرام من الذهب الذي يعرف ب «المكسر» تم تداولها في اسواق الذهب في تونس منذ يداية العام.
نتيجة لذلك اصبحت المراة التونسية اكثر اهتماما بالمصوغ المقلد» فالصو» وبالاكسسوارات التي بقيت اسعارها في المتناول لكن هذا الاقبال كثيرا ما يؤدي الى مآس وكوارث لتتحول زينة المراة الى كابوس فالمصوغ المقلد والمورد في غالب الاحيان دون مراقبة من الدولة يحتوي على مواد ضارة هي سبب مباشر في اصابة عديد النساء بامراض جلدية خطيرة بل ويمكن ان تؤدي الى الاصابة بامراض عضوية كالعقم وبعض السرطانات وان كانت تقارير طبية حديثة اكدت ان الذهب في حد ذاته يحتوي على مادة كيميائية تسبب تكلس الكبد وتخثر الدم.