محلات اختصّت في التكسير وجهات موكّل لها التهريب ووزارة المالية صامتة شراء «آف سي آر» لجلب الذهب والأحجار الكريمة الممنوعة شبكات لتجميع الذّهب غير المطبوع وأخرى لتهريبه بعض المصادر تقول عن حجز ما لا يقل عن 15 كلغ من الذهب المهرّب كلّ أسبوع المهنيون يقترحون حلولا الطابع التونسي يباع في الخارج لمن هبّ ودبّ لذلك آن الأوان لإزالته تونس- الأسبوعي: أطنان من الذهب تذوّب وتهرّب لبلدان مجاورة..أطنان من الذهب كانت فيما مضى مصوغا اقتناه التونسيون بالعملة الصعبة التي تم تحويلها من خزينة الدولة.. لكن عندما أرادوا لغاية ما التفويت في مصوغهم فوجئوا بأن ما لديهم غير قابل للتسويق بل للتذويب فقط. يحدث هذا في تونس الى حدّ أصبحت فيه التجارة الموازية للذهب تدرّ على البعض أرباحا طائلة وتعود بالنفع على الدول المجاورة فتزيدها غنى وتزيدنا فقرا.. تلك هي حال القطاع اليوم.. «الأسبوعي» حاولت البحث في هذا الموضوع للوقوف على الدوافع التي أدت إلى ذلك والمسالك التي اختصت في التهريب والتكسير والتي تبذر هذه الثروة الوطنية ولئن لم تتوفر لدينا أرقام رسمية على اعتبار أن المسألة تتعلق بالتهريب فإن تقديرات رئيس غرفة المصوغ تحوم حول تهريب ما لا يقل عن 500 كلغ من الذهب سنويا الى الدول المجاورة.. وهو رقم غير رسمي غير أن التصريح به جاء بالاعتماد على جملة من المؤشرات بعضها رسمي من ذلك أنه عندما تقرر طبع الذهب غير المطبوع في سنة 1986 تم جمع 4 أطنان من الذهب بما قيمته 160 مليون دينار وفي سنة 2004 وعندما تقرر فتح الباب مجددا وبدأت الأطراف في تجميع الذهب تمّ خلال 6 أشهر فقط تجميع 400 كلغ من الذهب حسب ذات المصدر... جملة هذه المعطيات انطلقنا منها في بحثنا عن هذه المسالك وكيفيّة إدارتها.وقد حرصنا على أخذ رأي وزارتي المالية والتجارة ومصالح الديوانة بخصوص ما ورد في الملف لكنهم لم يردّوا على مطالبنا رغم الإتصالاتنا العديدة بهم. خير الدين العماري شراء «آف سي آر» لجلب الذهب والأحجار الكريمة الممنوعة من جهة أخرى أفادتنا مصادر فاعلة في تجارة الذهب أن سوق المصوغ شهد بدعة جديدة تتمثل في شراء رخصة العودة النهائية (F C R) واستغلالها لجلب الأذواق الرفيعة من الذهب وخاصة ذوق 24 أو الاحجار الكريمة الممنوعة قانونا في تونس.. حتى أن هذه الرخص أصبحت معضلة كبيرة بالنسبة لأهل المهنة.. وأصبح هؤلاء التجار الجدد الذين ظهروا منذ حوالي سبع سنوات يزوّدون السوق بآخر الموديلات من الحلي المرصعة بالأحجار الكريمة والتي تعتبر ممنوعة قانونيا في تونس على أهل المهنة.. ورغم أن التشريع يحجر توريد الحلي والمصوغ مكتملة الصنع.. حماية للتجار وللحرفيين بالأساس. وهو ما أدّى، بمرور السنوات، الى تزايد الكميات من هذا الذهب الموصوف بغير المطبوع. شبكات لتجميع الذّهب غير المطبوع وأخرى لتهريبه بعض المصادر تقول عن حجز ما لا يقل عن 15 كلغ من الذهب المهرّب كلّ أسبوع بمرور الأيام وعندما يمل المستهلك الذي اقتنى قطع الحلي أو المصوغ ويفكر في استبدالها أو بيعها فإنه يصطدم بعدم إمكانية ذلك إلا في حال بيعها مباشرة لمستهلك آخر وهي حالات نادرة الحدوث.. ولا يتبقى أمامه إلا إذابتها ليصنع من ذهبها قطع حلي جديدة مسايرة لركب الموضة التي تتجدد سنويا وباستمرار أو التفريط فيها لمن يرغب في ذلك بأسعار تقل كثيرا عن الاسعار المتداولة في سوق المصوغ خصوصا إذا ما دعته الحاجة الى ذلك. مسالك جديدة وبعد أن تتم إذابة ورسكلة هذه الكميات المشتراة وبحكم انسداد المسالك المنظمة في وجهها فقد انتصبت شبكة جديدة من التجار تعمل على الاستفادة من المستجدات العالمية وغلاء مادة الذهب في مختلف الأسواق لتصريف تلك الكميات في البلدان المجاورة بأسعار قريبة جدا من سعر السوق.. مستفيدة من تدني سعرها في الاسواق الوطنية عند الشراء بحكم اعتماد مسألة الذهب المطبوع وغير المطبوع.. وغلاء سعرها في الأسواق المجاورة لأن الذهب عندما تتم إذابته ورسكلته وإزالة الشوائب منه يعود معدنا نفيسا نقيا مثلما هو معروف ومتداول في كافة أنحاء العالم. ورغم أن هذا الذهب يباع في السوق العالمية بأكثر من 40 دينارا للغرام الواحد فإن التونسي يبيعه أحيانا ب 6 دنانير فقط لتباع في الدول المجاورة ب 30 دينار على الأقل. وقد تسببت هذه الشبكة الجديدة في ارتفاع سعر التكلفة وارتفاع الأسعار داخل سوق المصوغ وهو ما كان وراء ظهور شكل جديد من المشاكل لأهل المهنة خصوصا أنهم أصبحوا يتعرضون لصعوبات للتزود بالذهب المكسّر حتى ولو كان من الصنف المطبوع.. الأمر الذي خلق عديد الإشكاليات المستجدة في القطاع.. شريحة جديدة وتؤكد بعض مصادرنا على أن الفرد من أطراف هذه الشبكة الجديدة يشتري محلا جديدا وينتصب من الغد لشراء الذهب المكسر في حين تتكفل بعض الأطراف بتهريبه بعد أن تقوم بمهمة تجميع الكميات التي توفرها لها تلك المحلات تمهيدا لتهريبها الى الخارج... وتؤكد بعض المصادر على أنه لا يمر أسبوع واحد حتى يتم ضبط كميات مهربة من الذهب عبر المسالك البرية لا تقل عن 15 كيلوغراما للعملية الواحدة. تساؤل والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يتواصل إهدار هذه الثروة الوطنية طالما أن الذهب شئنا أم أبينا هو مادة نفيسة يتم شراؤها بالتأكيد بثمن مرتفع وبالعملة الصعبة المحولة من الخزينة الوطنية ويتم التفريط فيها بأبخس الأثمان.. وكل ذلك لأن بعض القوانين التي لم تعد تتماشى مع واقع البلاد لا تزال سارية وليس أدلّ على ذلك من عدم مسايرتها للوضع الاقتصادي العالمي وهو أن سعر الأوقية الواحدة من الذهب حطّم منذ وقت قصير جميع الأرقام القياسية السابقة وفي نفس الوقت نجد شعبا محدود الامكانيات مثلنا يهدر ثروته ويفرط فيها بأبخس الأثمان نحو جيران يحمدون الله صباحا مساء على ما أنعم به عليهم من ثروات وخيرات طبيعية. المهنيون يقترحون حلولا الطابع التونسي يباع في الخارج لمن هبّ ودبّ لذلك آن الأوان لإزالته لأن أهل مكة أدرى بشعابها مثلما يقال حرصنا على أخذ رأي أهل المهنة في الموضوع.. ولمسنا لديهم رغبة ملحة لأخذ هذه المسألة مأخذ الجدّ لأن الذهب مادة خام ويسهل جمعها ورسكلتها ولذلك فهم ينادون باستغلال هذه الثروة وإدماجها في الدورة الاقتصادية وجعلها دافعا لخلق مواطن شغل جديدة في المستقبل وبابا رئيسيا لتوفير وتأمين المادة الخام خاصة لما نعلم أن كلفة رسكلة هذا الصنف من الذهب أقل من كلفة الذهب الذي يتكفل البنك المركزي بتوريده. إزالة الطابع وأجمع جل من حاورناهم على ضرورة إزالة الطابع.. وبأن دار الطابع انتهى دورها اليوم وما من دور يمكنها أن تلعبه مستقبلا.. وذهب البعض منهم الى أن الطابع التونسي للذهب يباع على قارعة الطريق في تركيا وإيطاليا وبكل المعارض المختصة.. وهو ما يجعل من إمكانية شرائه أكثر من سانحة لكل من هبّ ودبّ. وأشار بعض المهنيين الى أنه من هنا فصاعدا لابد من التفكير في بدائل وإيجاد طرق أخرى تكفل وتوفر الضمانات الكافية للمستهلك عن طريق المجلس الأعلى للذهب.. ومن المقترحات المقدمة في هذا الصدد إضافة شهادة الضمان لفاتورة الشراء وأن تكون هذه الشهادة ملونة حسب نوعية الذوق الذي يتم شراؤه مثل تقديم شهادة باللون الأحمر لذوق 9 وشهادة صفراء لذوق 18 .. وعندما سألنا رئيس غرفتهم الوطنية حافظ بن منصور هل يمانعون في إحداث هيكل يهتم بهذا الأمر.. أجاب على الفور: «في إضافة الهياكل تعطيل للقطاع وفي التقليص منها تسريع للخدمات» وأضاف رئيس الغرفة «إن رسكلة الذهب المكسّر تعتبر ثروة وطنية.. لأنه مهما حرصنا على توفير المادة الخام فإنها لن تغطي حجم الطلب» ثم تساءل :«عندما تتوفر للصائغي إمكانية رسكلة وإعادة صنع هذا الصنف من الذهب لماذا تراه يفرط فيه للبلدان المجاورة؟» مقترحان واقترح رئيس الغرفة الوطنية بعث مركز في كل سوق للمصوغ خاص بشراء الذهب المكسر.. على ألا تتم أي عملية بيع إلا بعد تسجيلها بسجلات هذا المركز مقابل تثقيل أداء معين على كل عملية بيع لفائدة المركز المذكور.. وهكذا يمكننا المسك ببنك معلومات يتم من خلاله التعرف على كل عمليات البيع والشراء وأسماء الباعة ومختلف المهنيين الذين اشتروا منهم في إطار من الشفافية والوضوح وذهب الى أن أهل المهنة لا يتضايقون من المتابعة اللصيقة من وزارتي الداخلية والمالية في مقابل قطع الطريق أمام عصابات التهريب». وطالب حافظ بن منصور وزارة المالية بتمكين كل صائغي من كراس يتم طبعها بالمطبعة الرسمية سنويا ويتم تسجيل كل الشراءات بتلك الكراسات مقابل معاليم معينة مثل دفع 50 دينار عن كل كراس دون بقية الأداءات الأخرى على أن تكون تلك الكراس مختومة بأختام وزارة المالية وتوفر الحماية القانونية للصائغي الذي يقوم بشراء الذهب المكسر. للتعليق على هذا الموضوع: