منوبة: احتراق حافلة نقل دون تسجيل أضرار بشرية    تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي في هذه الولاية..    عاجل/ مسؤول يؤكد تراجع أسعار الأضاحي ب200 و300 دينار..ما القصة..؟!    تونس تستقبل أكثر من 2.3 مليون سائح إلى غاية 20 أفريل 2025    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    في مظاهرة أمام منزله.. دروز إسرائيل يتهمون نتنياهو ب"الخيانة"    جندوبة: سكان منطقة التوايتية عبد الجبار يستغيثون    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    عاجل/ هذه البلدية تصدر بلاغ هام وتدعو المواطنين الى الحذر..    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية في إطار التعيينات الفردية    استقرار نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7.5 %..    عاجل/ قضية التسفير..تطورات جديدة…    عمدا إلى الإعتداء على شقيقين بآلة حادة ... جريمة شنيعة في أكودة    عاجل : ما تحيّنش مطلبك قبل 15 ماي؟ تنسى الحصول على مقسم فرديّ معدّ للسكن!    الرابطة المحترفة الاولى: صافرة مغربية لمباراة الملعب التونسي والاتحاد المنستيري    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    الإفريقي: الزمزمي يغيب واليفرني يعود لحراسة المرمى ضد النادي البنزرتي    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    ارتفاع تكلفة الترفيه للتونسيين بنسبة 30%    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    القضية الفلسطينية تتصدر مظاهرات عيد الشغل في باريس    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ أمطار أعلى من المعدلات العادية متوقعة في شهر ماي..وهذا موعد عودة التقلبات الجوية..    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    نهائيات ماي: مواجهات نارية وأول نهائي لمرموش في مانشستر سيتى    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    عيد الاضحى 2025: الأضاحي متوفرة للتونسيين والأسعار تُحدد قريبًا    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي : الشيخ العبيدي واستقلالية جامع الزيتونية - بدعة لم يسبقه إليها أحد...
نشر في الشروق يوم 16 - 08 - 2012

إن أكبر خطر يتهدد المساجد في تونس هو محاولة البعض اخراج جامع الزيتونة المعمور من رقابة الدولة والتنظيم المعمول به وفق التراتيب القانونية الجاري بها العمل وفتح المجال أمام عقلية المشيخة والإمام الأعظم لجامع الزيتونة وفروعه التي يفكر بها الشيخ حسين العبيدي مبتدعا بذلك الاستقلالية الكاملة للجامع عن الدولة وهذا ما لم يكن في تاريخ الزيتونة منذ قرون حيث كان يشرف الباي مباشرة على الجامع من خلال الهيئة العلمية وكانت الاصلاحات في التدريس والنظام التعليمي وفق مقترحات يتقدم بها علماء الزيتونة للوزير الاكبر الذي يناقشها مع الباي ثم يصدر في ذلك «أمرا عليا» ينفذ في الابان وكان الإمام ابن عاشور وعلماء «النيافرة» والشيخ بالقاضي والإمام ابن عرف يعملون بهذا وفق تصور فقهي سني لم لم يكن يوما خارجا عما يسمى في الفكر الاسلامي «طاعة أولياء الأمور» لأن الفكر السياسي في الاسلام مبني على هذه القاعدة والنظرية منذ كتب الماوردي كتاب «الأحكام السلطانية» وابن خلدون «المقدمة» خاصة وأن جامع الزيتونة ينتمي لهذه المنظومة الفكرية التي لا تشرع الاستفراد بالمساجد والخروج بها عن مؤسسات الدولة ونظامها العام المتعارف منذ الزمن الاول لنشأة الدولة في الحضارة الاسلامية... أما ما جاء به الشيخ العبيدي إذا ما وضعناه في سياقه التاريخي والفقهي فهو بدعة لم يسبقه فيها أحد من كبار علماء الزيتونة إذ كان الاصلاح داخل مؤسسة الجامع يتم وفق نضالات نقابية وجمعياتية حتى في زمن الاستعمار ويتجلى ذلك خاصة في تأسيس «جمعية العلماء» سنة 1933 والتي وقع حلها بقرار من الوزير الاكبر وبتنفيذ من الامام ابن عاشور رئيس هيئة كبار العلماء تحت ضغط الاستعمار الذي كان يمنع أي نشاط نقابي للتونسيين في فترة الثلاثينات.

والاغرب من ذلك ان العلماء المؤسسين لجمعية العلماء من مدرسين من الطبقة الاولى طبقوا القرار وصدر بلاغ في نفس مجلة الزهراء التي صدر فيها الاعلام بالتأسيس ودخلوا بعد ذلك في اشكال اخرى من النضالات النقابية داخل الزيتونة لتطويره والوقوف ضد مشاريع التجنيس والفرنسة وتهميش الطلبة والمدرسين ولم ينادي أحد بالاستقلالية الكاملة عن الدولة أو سلطة الباي الخاضعة للاستعمار الأجنبي.

إن خطورة أن يتحول جامع الزيتونة الى بؤرة صراع على تسيير الجامع بين الدولة و«المشيخة» يتجاوز حدود عزل إمام وتعيين آخر باعتبار الدلالة الرمزية للزيتونة التي لن تجعل الموضوع يقف عند حدود منبر ومحراب الجامع الأعظم إذ ذلك سيسهم في انفلات العقد من أيدي الجميع دولة وأئمة خطباء ومجتمع مدني وجمعيات ومشيخة باسم الاستقلالية المسجدية والدينية التي تعاني أصلا من انفلات مرجعي وخطاب حماسوي سقط احيانا كثيرة في الارتجال المولد للعنف والتكفير والفتاوى المسقطة التي لا تراعي البيئة الاجتماعية وفقه الواقع من امثال اباحة ختان البنات في بعض المساجد والزواج العرفي وتكفير الفنانين ورمي الدولة بالطاغوت وتكفير مؤسساتها.

ما يمكن الاشارة اليه كذلك في جانب آخر وله اهمية بالغة متعلق بالكيفية التي سيكون عليها التعليم الزيتوني ومناهجه وأهدافه التي يجب ان تتواءم مع النظام التعليمي الاكاديمي المواكب لحركة تطور المجتمع التونسي بناء على تجذره في بيئته العربية الاسلامية المنفتحة على الفكر الانساني والمبادئ الكونية، وإن ما يشهده جامع الزيتونة اليوم من تجاذبات يعطي مؤشرات غير ايجابية عن مدى جاهزية الاطارات المشرفة على الهيئة العلمية حتى تقوم باحياء مناهج اصلاح التعليم الديني التي ناضل لأجلها عدد كبير من المجددين من امثال الطاهر والفاضل بن عاشور ومحمد صالح النيفر ومن قبلهم خير الدين وما رفضهم للدكتور محمد بوزغيبة أستاذ الفقه الاسلامي بجامعة الزيتونة الذي يشهد له بالكفاءة والانفتاح والتجدد الا زرعا للخوف في النفوس من أن يكون ذلك راجع الى جدار صد وضعه الشيخ العبيدي في وجه تجديد الخطب الجمعية والخطاب الديني بصفة عامة الذي ما زال يعاني من الانزلاقات الراجعة بالأساس الى فقدانه لبوصلة فكرية ومنهجية واضحة امام المتغيرات ومقتضيات العصر الذي قد يولد لدى بعض المدرسين حساسية مفرطة تجاه الجامعة والاكاديميين باسم التعليم الزيتوني الأصل ظاهرا لكن الباطن قد يكون محاولات للاستحواذ على الجامع الاعظم وجعل عقد المساجد ينفلت تحت عديد المسميات والمبررات غير المقبولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.