في وقت كان من المفروض أن يستغل الممثل لطفي العبدلي عامل الإبداع للتأثير الإيجابي على المتفرج ونحت مسيرة مسرحية فإنه اختار الطاحونة التي تثير جعجعة ولا تخلف طحينا والركوب على الأحداث والإستعانة بإحدى البرامج التلفزيوينة لتضخيم تلك الجعجعة والترويج لها حيث استغل فراغ الساحة المسرحية وصدم جمهوره بنص عنونه ثلاث مرات آخره «مايد إن تونيزيا مائة بالمائة حلال « الذي وإلى حد الآن لا يمكن تصنيف هذا العمل فنيا بحكم المساحات الكبيرة والعشوائية من الارتجال التي حرص العبدلي على تقديمها من عرض إلى آخر والتغييرات المكثفة والمتتالية في مختلف عروضه مسّت حتى ثوابت العرض الفرجوي في حدّ ذاته إضافة إلى توجيهه وفق دوافع مزاجية أكثر منها فنية عكست مواقف غير موضوعية أسقطها في عروضه الأخيرة في مطب الحسابات الشخصية والإفرازات السياسوية ، وعرضه مؤخرا في إطار تظاهرة «ليالي رمضان» بسوسة - والذي استعان فيه بفيلق من الحراس الشخصيين بعد الزوبعة الإشهارية التي اثارها بادعاء أنه مستهدف من طرف وزارة الداخلية - لم يَحِدْ عن تلك الوصفة بل تجاوزها ليثير أعلى درجات «الصدمة» من خلال تجرّئه لاعلى تسطيح مواضيع حسّاسة فحسب بل أيضا بسبب ابتذال القاموس اللغوي المستعمل والخلط بين توظيف الظواهر الإجتماعية وبين توجيهها فجعل من خرطوم الوحدات الصحية والملابس الداخلية النسائية وغيرها من التفاهات مواضيع أساسية ومن الشريعة الإسلامية والثورة التونسية والمناضلين السياسيين مواضيع للتندر والإستهزاء وتطرق إلى السياسة والسياسيين بنظرة بعيدة عن ضوابط وأبعاد النقد الهادف مازجا كل ذلك بإيحاءات جنسية مباشرة وغير مباشرة دون اعتبار لمن يحضره من أطفال وشباب وعائلات بالخصوص والذين جاؤوا طامعين في ضحكة تخرجهم من ضغوطاتهم اليومية ولا من أجل مشاهدة مواقف تحتمل أكثر من «سوء نية» في ظل فراغ الساحة المسرحية بعد حالة لمين النهدي الصحية واهتمام جعفر القاسمي بالشهرة التلفزية و غياب دعم عروض نصر الدين بن مختارالكوميدية وتأملات الفاضلان الجعايبي والجزيري فوق الربوة المسرحية ممّا كان على العبدلي اللإقتداء بتجارب العمالقة المسرحية ولا التشبث بقشور الشهرة الوقتية .