الآن... وقد ودعنا شهر الصيام بكل أحداثه وتفاصيله في المجال الابداعي بدرجة أولى... يطفو على السطح سؤال حول أهم ما ميّز هذا الشهر في كل ما له علاقة بالشأن الثقافي والابداعي السمعي البصري بعيدا عن التجاذبات السياسية... بعبارة أدق ماذا بقي في الذاكرة على مستوى الابداع التلفزيوني.. في هذه الورقة وقفة مع أبرز هذه الخصوصيات.
عمر بن الخطاب أو «تجاوز» المحظور
أولى مميزات هذا الشهر مبادرة قناة «نسمة» الفضائية ببث أحداث المسلسل التاريخي الديني الضخم عمر بن الخطاب رغم تصاعد أصوات هنا وهناك منددة بهذا العمل على اعتبار أن فيه «تجاوزا» للمحظور... من خلال تجسيد الخليفة ابو بكر الصديق والإمام علي بن أبي طالب... المسلسل ولئن أحدث «صدمة نفسية» عند البعض فإنه سرعان ما تم تجاوز هذا الأمر ليتم التعاطي معه بكل هدوء وبعيدا عن التشنّج الذي صاحب مرحلة انتاجه... ويبقى ل «قناة نسمة» الريادة وصاحبة المبادرة في «كسر» الحاجز النفسي.
لم يقف الأمر لدى قناة «نسمة» عند المبادرة بعرض مسلسل «عمر بن الخطاب» بل تم تعزيز ذلك بإنتاج مسلسل درامي في ثلاثين حلقة «لأجل عيون كاترين» وهو عمل من وحي الأحداث التي عرفتها بلادنا في فترة ما قبل ثورة 14 جانفي ولعلّ من أبرز المميزات في هذا العمل بدرجة أولى أنه سجل عودة حمادي عرافة الى الاخراج التلفزيوني بعد غياب امتد على طول سنوات.. ثم ان هذا العمل كسب الرهان على مستوى توزيع الأدوار (الكاستينغ).. حيث شاهدنا ممثلين في أدوار لم يكونوا معروفين بها... برزت بشكل لافت درصاف مملوك في دور الأم الملتاعة بفقد ابنها الوحيد الى حد الجنون... وظهر علي بنور في دور الحقوقي المناضل... وكسبت ليلى الشابي دور المرأة الحاقدة.. وقدمت وحيدة الدريدي بحرفية واعتمادا على تعابير ملامحها دور المرأة الملتاعة المضطهدة. وقدّم لنا «لأجل عيون كاترين» لطفي العبدلي في دور اليد القمعية للنظام... كما فسح المجال لأسماء جديدة على غرار يوسف مارس وغيره للتأكيد على ما في جرابهم من إمكانيات ابداعية.
التمساح و«اللوجيك السياسي»
علاوة على الجزء الثالث من «مكتوب» الذي قررت «التونسية» اعادة بث حلقاته فإن كاميرا «التمساح» و«اللوجيك السياسي» يمكن التأكيد على أنهما من المحطات المميزة في سهرات رمضان دون التغاضي عن «سياسي في الفخ» على الوطنيتين الأولى والثانية.
«ستار فوت أكاديمي» عزف منفرد
من ناحيتها توخت قناة «تونسنا» نهجا خاصا في رمضان فعلاوة على الاحتفاء بشهر رمضان على طريقتها فإنها بادرت بالتأسيس ل «معزوفة» منفردة إن صحّ التعبير من خلال التأسيس لبرنامج يهتم بالمواهب الرياضية في كرة القدم على غرار «ستار أكاديمي» و«سوبر ستار» البرنامجين اللذين يهتمان باكتشاف المواهب في المجال الغنائي فقناة «تونسنا» وببادرة من مؤسسها رجل الاقتصاد والسياسة عبد الحميد بن عبد اللّه أنتجت «هذا البرنامج بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة وهو الذي سيشهد اختتامه يوم 7 سبتمبر القادم للإعلان عن الموهوبين الثلاثة الذين سيقع عليهم الاختيار بعد عملية انتقاء انطلقت منذ 7 جويلية الماضي وشملت 96 موهبة في مجال كرة القدم تتراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة. ما يلفت الانتباه في هذا البرنامج الذي انفردت به «تونسنا» استضافته لعديد الوجوه الرياضية العالمية لمشاركة سلسلة الاختبارات لأجل مكان تحت شمس الابداع الرياضي وتكفي الاشارة في هذا المجال الى تكليف مورينو الممرن المساعد لفريق ريال مدريد ليكون المشرف الفني الأول على هذا البرنامج.
محطة أخرى يمكن أن ندرجها في خانة «ذاكرة رمضان» مبادرة قناة «الجنوبية» حديثة العهد بالتأسيس في إنتاج سلسلة هزلية كوميدية «مقهى المكسيك».. هذا العمل حقّق نجاحا ملفتا للانتباه على اعتبار أنه تمّ توزيعه على عديد الفضائيات العربية التي اقتنت حقوق بثه والمقصود هنا: الفضائية الليبية «مصراطة» والفضائية اليمنية.. وقناة موريطانيا الفضائية علاوة على قنوات خليجية أخرى قد تنطلق في بث أحداث هذا «السيتكوم» الهزلي انطلاقا من شهر سبتمبر القادم.
قناة «الجنوبية» انطلقت منذ أيام في عملية إعادة تأهيل جديدة انطلاقا من تعيين مدير عام للقناة وهو الاعلامي المعروف كمال بن يونس كما تمّ تعزيز ذلك بمحمد صميدة الذي تمّ تكليفه بإدارة البرمجة ومتابعة بث القناة.. وشمل التأهيل الادارة التقنية ووحدة الانتاج وحسب ما توفر من معلومات فإن البث الرسمي للقناة بعد المرحلة التجريبية سيكون بداية من أكتوبر القادم.