شهدت أسعار كراء المساكن ارتفاعا غير مسبوق في العاصمة بسبب الإقبال الكبير من الطلبة وما عرفته الأشهر الماضية من اقبال الأشقاء الليبيين على كراء المساكن في العاصمة ومدن الجنوب التونسي سواء بغاية التداوي او لأغراض مختلفة أخرى... «الشروق» تحدثت الى بعض الطلبة والأسر عن الصعوبات التي واجهتهم خلال رحلة البحث عن مسكن للكراء. كما تحدثت الى وسيط عقاري عن ظاهرة غلاء معلوم كراء المساكن والى رئيس مرصد ايلاف للدفاع عن المستهلك. العرض فاق الطلب
في البداية ذكرت فتيحة طالبة ان البحث عن محل للكراء قريب من الجامعة التي تدرس بها أصبح كابوسا لها ولعائلتها وزملائها الذين يعانون من نفس المشكل فالأسعار من نار خاصة في المنطقة التي تهمها وهي باردو. وأضافت أن البعض يعمد الى تسويغ محلاتهم للطلبة حسب معلوم عن كل شخص بلغ 80 دينارا للشخص في ظروف سيئة تصل الى 6 أسرة في الغرفة.. مما جعل بعض الطلبة يلتجئون للسكن عند عائلاتهم الموسعة. غرفة ب500 دينار
كذلك يذكر زياد حاجي (طالب) أن الأحياء الشعبية بدورها تشهد ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار اذ بلغت 80 دينارا للشخص في ابن خلدون وحي التحرير و600 دينار لشقة صغيرة في نفس الجهات. أما الأسعار في العاصمة فقد بلغت 500 دينار لغرفة ومطبخ وغرفة استحمام بأحد أنهج العاصمة. ولاحظ أنه خلال السنتين الاخيرتين تضاعفت الأسعار بصفة غير مقبولة علما وان حالة هذه المساكن من حيث الصيانة لا تنسجم مع هذه الأسعار مطلقا. الشعبي غائب
واتفق معه حلمي شوشان اذ ذكر ان الاسعار بالأحياء الشعبية بدورها لم تعد شعبية ذلك ان شقة بحي فضال بلغ معلوم كرائها 250 دينارا. أما في شطرانة وسكرة والمنازه فلا يقبل أصحاب هذه الشقق بأقل من 800 دينار.
الطلبة والليبيون
أما سامية فتعمل بالعاصمة وهي أصيلة الجنوب وقد ذكرت أن الطلبة والليبيين أشعلوا النار في معلوم كراء المساكن خلال هذه الفترة من السنة وهو ما لمسته في العاصمة والعمران الاعلى وفي أحياء أخرى على غرار حي الخضراء إذ بلغ معلوم كراء الشقة 400 و450 دينارا. ولاحظت ان الغلاء طال مناطق الجنوب أيضا إذ قفز معلوم كراء المساكن الى درجة غير مسبوقة. كراء قديم
منال (موظفة) بدورها تشتكي من غلاء أسعار كراء المساكن اذ تسوغت غرفة وصالة ب300 دينار بإحدى المناطق المتاخمة للضاحية الشمالية. وتضيف أنها تسوّغتها منذ نحو 5 سنوات لذلك فإن سعرها يبدو معقولا لكن في حال طالب صاحب المحل بمحله فإنها ستكون في مأزق نظرا لندرة المساكن المعدة للكراء خلال هذه الفترة من كل سنة. تدخل الحكومة وتطالب السيدة لمياء الحكومة بالتدخل لوضع حد لطمع أصحاب المساكن المعدة للكراء ذلك أن العائلات متوسطة الدخل غير قادرة على مواجهة نفقات الكراء المتزايدة ولا على اقتناء مسكن جديد اذ تضاعفت أسعار المساكن في السنتين الاخيرتين ولم يعد الزوالي يعرف أين ينفق راتبه فهل يوجهها للأكل ونفقات الدراسة والصحة أم على مسكن لم يعد في المتناول. أسعار من نار
«أسعار كراء المساكن من نار» هذا ما ذكره السيد حمادي الريان وسيط عقاري. مضيفا ان الزيادة في أسعار الكراء زادت ب30٪ مقارنة بالسنة الماضية وذلك في المناطق المحيطة بالجامعات والمبيتات على غرار المروج من 1 الى 6. وباردوأريانة وحي ابن خلدون والعمران الأعلى وبن عروس والدندان ومنوبة وهي أعلى من ذلك بكثير في الضاحية الشمالية. أما في المنازه والمنارات فحدّث ولا حرج. ولاحظ ان أسعار كراء المساكن شهدت نقلة كبيرة في كل الأحياء القريبة من وسائل النقل العمومي (خاصة المترو) والمرافق العمومية والمطاعم.
ويفسّر مصدرنا هذا الارتفاع بأنه راجع الى الطلب على المساكن من طرف الاشقاء الليبيين ومن الطلبة خلال هذه الفترة وحتى من خلال باقي العائلات التي تبحث عن مناطق آمنة وتجدها في هذه الأحياء الآهلة بالسكان والعمارات المحروسة.
وحول معلوم الكراء للطلبة ذكر أنها في حدود 350 و400 دينار للشقق من صنف غرفتين وصالة او 3 غرف وصالة (حسب الطابق والجهة) وأضاف مصدرنا أن الطلب تجاوز العرض في خصوص المساكن المعدة للكراء خلال هذه الفترة بنسبة بلغت 90٪.
ولاحظ ان المنارات وباردو وأحياء التحرير والتضامن تشهد طلبا كبيرا من الليبيين الوافدين على تونس للتداوي مما رفّع في معلوم الكراء لتلك المناطق. بالاضافة الى الطلب الذي تشهده هذه الجهات من العائلات والطلبة. ارتفاع ب 5.9٪
ذكر رئيس المرصد الوطني «إيلاف» لحماية المستهلك أن المرصد سجل ارتفاعا عاما في معين الكراء في عديد المناطق بالخصوص العاصمة والمناطق الساحلية وبعض المناطق الحدودية على غرار جربة ومدنين منذ السنة الماضية وقد قدّرت نسبة الارتفاع ب5.9٪ وذلك نتيجة توافد الليبيين مرفوقين بعائلاتهم وتفضيل العديد منهم السكن في منازل بدل النزل. كما انتشر الوعي لدى أولياء الطلبة القاطنين بالمبيتات الجامعية الحكومية والخاصة بتجنيب أبنائهم السكن في منازل مستقلة عن نقاط التجمّع الطلاّبي درءا للتوترات الأمنية التي صاحبت فترة بداية الثورة والفترات اللاحقة التي عرفت اجتياحا لظاهرة العنف السلفي في عديد المؤسسات العمومية منها المبيتات كما أن ارتفاع معين الكراء يعود الي سعي مالكي الشقق الى تحصيل فائدة ربحية محترمة لمواجهة ارتفاع كلفة المعيشة وارتفاع كلفة الصيانة ومواجهة استخلاص الديون.
كما حمّل مرصد «إيلاف» لحماية المستهلك الحكومة مسؤولية هذا الغلاء من خلال ترفيعها في أسعار عديد المواد الأساسية وخصوصا المحروقات ومشتقاتها من أجل تدارك العجز الحاصل في الميزان العام والتسويق غلطا الى سياسة اجتماعية عمادها تنمية القدرة الشرائية للمستهلك من خلال إبرام اتفاقية الزيادة في الأجور في القطاع العام، ويحيط المرصد الوطني «إيلاف»المستهلك والرأي العام بمحاولة الحكومة جعل المستهلك كبش فداء لعجزها عن تنمية مواردها الذاتية واسترجاع الأموال المنهوبة ويؤكد على أن هذا المسعى سيكون له انعكاسات سيّئة في الفترة القادمة خاصة وأن المستهلك يواجه مواسم استهلاكية متواترة. كما طالب منذ أشهر المعهد الوطني للاستهلاك ووزارة الشؤون الاجتماعية الخروج عن السلبية والتحرّك في سبيل الانقاذ الاستباقي للسلم الاجتماعي. وذلك بتمكين الطلبة من السكن طيلة مدة دراستهم أو تعويضها بمنحة سكن ليتمكنوا من مواصلة تعلّمهم وهي أولوية مقارنة بالنظر في التعويضات وتضخيم منح أعضاء المجلس التأسيسي وأعضاء الحكومة.
وأضاف أن العائلات ذات الدخل المتوسط والمحدود لم تعد قادرة على مواجهة غلاء الكراء الذي يقدّر في الأحياء الشعبية بين 250 و400 دينار والفاخرة بمعدل 700 وألف دينار كما لاحظ رئيس المرصد وجود نقص ملحوظ في المساكن المعدة للكراء وعدم توازن بين العرض والطلب مما تسبّب في الغلاء.