كيف سيكون صباح تونس يوم 24 أكتوبر القادم؟ بتخوّف واضح من عودة التوتر للبلاد يطرح الكثير من التونسيين هذا السؤال وهم يتابعون بانتباه معركة التصريحات بين السياسيين حول شرعية المجلس الوطني التأسيسي بعد سنة من انتخابه. من هم في الحكم متمسكون بالقول إنّه لا شرعيّة تعلو فوق شرعيّة السلطة التأسيسية الأصليّة والممثلة أساسا في المجلس الوطني التأسيسي الذي دخل نوابه قصر باردو بعد انتخابات نزيهة وشفافة ومن هم في المعارضة متمسكون بالقول إن خرق وثيقة مسار الانتقال الديمقراطي الموقعة في سبتمبر 2011 بين 11 حزبا سياسيا تمثل القوى السياسية الاساسية في تونس والتي تنص، بالاتفاق، على أن لا تتجاوز أشغال المجلس الوطني التأسيسي مدة سنة على أقصى تقدير لأن ذلك خرق لالتزام أخلاقي وسياسي كانت قد انخرطت فيه تلك الأحزاب أمام الرأي العام.
الهادي بن عبّاس الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية أحد الشركاء في الائتلاف الحزبي الحاكم قال في تصريح ل»الشروق» «كل من يدعي انتهاء الشرعية فهو مناور ومحاول للانقلاب على الشرعية الدستورية والانتخابية والشعبيّة إذ ليس هناك سلطة أعلى من سلطة التأسيسي الذي يمكن له تحوير القوانين وغيرها من الصلاحيات».
كما قال بن عبّاس «الاتفاق المشار إليه يسمّى أخلاقيا لكنه غير ملزم والحديث عن انتهاء الشرعية فيه دعوة لإدخال البلاد في المجهول والنيل من صورتها في الخارج وارباك المستثمرين واللعب بمستقبل البلاد أمر خطير ويهدد البلاد في كل المستويات لذلك نحمّل كل من يدّعي انتهاء الشرعيّة المسؤوليّة كاملة عمّا يمكن أن ينجرّ عنه من فوضى في البلاد».
وذكّر بن عبّاس أنّ الاتفاق الذي تدور حوله التصريحات لم يكن المؤتمر من أجل الجمهورية طرفا فيه لأنّه كان يرفض مدة سنة ولأنه كانت له قراءة واضحة، بحسب بن عبّاس دائما، للأحداث.
في المقابل لا يهدأ قياديو أحزاب المعارضة في التذكير باستمرار بأنّ خرق هذه الوثيقة هو تجاوز أخلاقي وسياسي سيهزّ صورة القوى السياسية الاساسية الموقعة أمام الناخب التونسي.
وقد علمت «الشروق» من ماهر حنين عضو الهيئة التنفيذية للحزب الجمهوري أنّ «ترويكا» المعارضة، الجمهوري والمسار ونداء تونس، يطبخون مبادرة سياسيّة سيتم عرضها قبل 23 أكتوبر.
وقال حنين «المشروع لم تكتمل بعدُ تفاصيله وهو قيد التفاوض الآن ولن يقتصر على الثلاثي التي ذكرت بل سيشمل كل الأحزاب السياسيّة وحتّى الأحزاب الموقّعة على وثيقة المسار ويظلّ منطلق الفكرة أنّ القوى السياسية الأساسية الممضية على الوثيقة المذكورة هي ملتزمة بالضرورة أخلاقيا وسياسيّا باحترام ما جاء في الاتفاق هذا بالإضافة إلى أنّ الدعوة الموجّهة للناخبين لانتخاب مجلس وطني تأسيسي ضبطت مدة زمنية بسنة لأشغال المجلس وبالتالي من واجب ومن حق القوى السياسية أن تطرح على طاولة التداول في الشأن العام هذه الالتزامات». وأكّد حنين أنّ المبادرة التي يجري الإعداد لها لا تتضمن أحد الآن مقترحات عملية بل تهدف إلى الإقرار أولا بانتهاء شرعية المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر المقبل.
من جهة أخرى علمت «الشروق» من مصادر أخرى مطلعة أنّ المبادرة التي تسعى «ترويكا» المعارضة لإطلاقها تتمثل في حوار وطني بين المعارضة والسلطة لتحديد تاريخ نهائي لصياغة الدستور وتاريخ نهائي لإجراء انتخابات عامة ولتفعيل الهيئة العامة المستقلة للانتخابات وبالتالي دخول البلاد في مرحلة أخرى جديدة من الشرعية التوافقيّة.