مدينة قصور الساف الهادئة لم تكن أسعد حظا قبل الثورة، ولا أفضل بعد الثورة، بل ان أهاليها استشعروا خيرا لكثرة الوعود التي قدّمت لهم أيام الحملة الانتخابية للمجلس الوطني التأسيسي، وتمنوا أن ينالهم من خيرات ثورة الكرامة من شغل وتنمية واستثمارات حكومية وخاصة. فهذه المدينة التي تعدّ بوابة «عبور» إلى مدينة المهدية لم تنعم بالتنمية على غرار بقية المدن، ولم تستفد من كل الحوافز والاستثمارات، ولعلّ ما زاد في حيرة الأهالي هو ضعف المشاريع التنمويّة التي رُصدت لولاية المهدية أثناء زيارة الوفد الحكومي رغم المطالب المتكررة لأهالي قصور الساف بفكّ عزلة المدينة من خلال الشروع في بعث خط حديدي يربط قصور الساف بالمهدية التي تبعد 12 كلم والتي يعاني أهلها الكثير لقضاء شؤونهم في ظل تواصل تهميش قطاع النقل الخاص، وعدم مراقبة سيارات الأجرة، إضافة لعدم وجود محطة، أو هي عبارة عن بطحاء يُقال إنها محطة مسافرين، هذا بالإضافة إلى تقريب خدمات «الكنام»، وخدمات شركة الكهرباء والغاز.
أما المشاريع المبرمجة فهي تهذيب حيّ «النقعة» بكلفة تناهز 600 ألف دينار، وتهيئة الملعب البلدي بكلفة تقدر ب900 ألف دينار، وبعث بئر استكشافيّة بمبلغ 300 ألف دينار، إلى جانب الشروع في بناء ثكنة عسكريّة وحي سكني للجيش على الطريق قصور الساف- الشابة مما يجعل المدينة في رأي البعض محاصرة بين ثكنة لوحدات التدخل وأخرى للجيش، وكأنّ قدر قصور الساف أن يُرمى لها ما تبقى من المشاريع التي ترفضها الجهات الأخرى مثل ما حصل لمصب الفضلات الذي يلاقي معارضة شديدة منذ فترة ما قبل الثورة.
احتجاجات الأهالي على ضعف هذه المشاريع أثناء زيارة الوفد الوزاري، تبعتها احتجاجات لمناطق أخرى داخل ولاية المهديّة مثل مدينة ملولش والغضابنة والشابة... وهذا دليل على أن هذه المشاريع تبدو عشوائية وغير مدروسة، ولا تستجيب إلى الطلبات الحقيقيّة لأهالي الجهات المحرومة في التنمية والتشغيل.