أصوات القرآن تنبعث من أكثر من بيت..حزن ممزوج بحيرة...وجوه وحدها الألم...ترى هل انتشلوا جثث أبنائهم؟ أم أنهم سيعيشون على وهم الانتظار سنوات وسنوات...هل مات حلمي؟ هل عثروا على منصور؟ محرز ومهيب ترى هل هما في عداد الموقوفين؟ حلمي هل سيرى أبناءه الثلاثة مرة أخرى؟ باسم مايزال مراهقا وعصام ولد الربط وبلال لم يكن ينوي الرحيل والشقيقان أسماء وحسن...غادرا دون علم العائلة...
كثيرة هي الأسماء...من حومة باب الجديد...حي الزياتين...جبل الأحمر...صفاقس...وحدتهم فقط قوارب الموت...وجزيرة الأحلام.. ..الجبل الأحمر...حي الزياتين ...هنا لن نتيه بحثا عن بيوت فتحت أبوابها للعزاء...مواكب حزن دون «ميت» بل ميت لا يعرف بعد إن كان سيكون لعائلته حظ في استرجاع جثته لمواراتها التراب وأقارب حائرون... هل يقدمون الأمل في انتظار العثور على الأبناء... أم يقدمون التعازي...فقط الحزن يخيّم على المنطقة التي يحاول فيها كبار السن تهدئة الشباب الحائر بحثا عن شقيق مفقود.
ليس أول مرة
«سفيان بن حسين تشيش» من مواليد 16 جانفي 1986 كان من بين المجموعة المغادرة منذ نهاية الأسبوع المنقضي الى جزيرة لمبيدوزا عبر مركب صيد بحري أكد أحد شهود العيان ممن تمكنوا من اجراء اتصال مع أحد الناجين أنه كان يجلس وسط المركب الذي كان يجلس إليه العشرات على مستوى طابقين مما أدت الحمولة الزائدة إلى انشقاق المركب وسقوط الركاب الذين تجاوز عددهم 120 نفرا حسب أول التحريات .
معلومات متضاربة
عائلة سفيان... ماتزال حائرة بعد تلقيها لمكالمة هاتفية أولى من أحد الناجين من أبناء الحي والذي أكد انه شاهد سفيان يسقط في المياه على بعد عدة أميال من الجزيرة بعد ان سقط فوقه عدد ممن كانوا في الطابق الأول للمركب في حين شكك شاهد العيان الثاني في رؤيته لسفيان ان كان توفي أم سقط في المياه. معلومات متضاربة جعلت العائلة في حيرة من أمرها خاصة أن أحد الناجين من الفاجعة أكد أنه واصل طريقه الى الجزيرة سباحة هو وعدد آخر من الناجين اثر غرق المركب.
أب ل 3 أطفال
من جبل الأحمر حيث يتواجد عدد كبير من المفقودين من أبناء الحي الواحد... الى حي ابن سينا حيث فقد حمدي عبد الباسط وهو أب لثلاثة أطفال صغيرهم عمره عامان فقط.زوجة حمدي لم تكن لها القدرة على التحرّك للبحث الذي تكفلت به ابنة خالته ريم الحائرة بدورها ان كان حمدي ميّتا وجثته موجودة أم أنه في عداد المفقودين؟.
بحثا عن معلومة
أمام مقر وزارة الخارجية... ومنذ الساعة الواحدة من مساء أمس تجمع عدد من أشقاء وأمهات المفقودين... بحثا عن معلومة هنا على أبواب الوزارة التي علقت الى جدارها نسخ من أسماء من تم انقاذهم وصورهم... من بينهم مخطط الرحلة هكذا قال عنه أحد أفراد العائلة الذي طالب بمحاسبته محملا إياه المسؤولية في الاتجار بأرواح أبنائهم القصّر.في البداية غضب الأهالي خاصة أن عددا منهم يشتغل مما يؤهله للحصول على تأشيرة سفر لكن بحثا عن تدخل سريع لدى السلطات الايطالية للاسراع باجراءات الفيزا.. في محاولة للسفر الى «لمبيدوزا» بغية التحقق من هويات الغرقى.عصام الزياتي (21 عاما) من بين المفقودين وقفت قريبته الى المجموعة حائرة من أجل الوصول إلى المعلومة.. شأنها شأن ريم قريبة (حمدي عبد الباسط) التي تحدثت ل«الشروق» بالقول «إنه أب لثلاثة أطفال.. كان فقط يحلم بأن يعمل في الغربة من أجل غد أفضل، اليوم صار حلمنا أن نرى جثته فهو في عداد المفقودين ولا نعلم بعد إن كان ميّتا أم لا؟
من صفاقس قدموا في مجموعة تحمل ملف 5 شبان مفقودين من بينهم خليل بن سالم 24 عاما لا حلّ أمامهم سوى الاحتجاج أمام وزارة الخارجية قبل أن يقرّر أحد أفراد العائلة السفر الى الجزيرة للتأكد من خبر الوفاة والتعرف الى الأحياء من المجموعة التي لم يسمعوا عنها خبرا واحدا.
«منصور الجواشي» و«باسم المرفلي» و«حلمي بن محمد» و«حازم البوعزيزي» و«محرز الكيلاني» و«مهيب الرحموني» (من صفاقس) و«جلال كمون» (حي ابن سينا) و«أسماء» و«حسن» الكعباشي من العاصمة.. أسماء من قائمة طويلة.. من الأسماء التي علقت في المتوسط وراء كل اسم عائلة.. أخوات وإخوة وأم ملتاعة بين حلم أن تعثر على جثة الغريق وحلم أن تتلمسه.. وتتحسّس وجهه ولو لمرة أخيرة.
فاجعة لمبيدوزا الاخيرة.. وهي ليست الأخيرة.. ففي كل فاجعة تكتب عنوانها.. لتكون بداية لقصص أخرى متتالية.. أشدّ ألما وحزنا..روبرتاج: سميرة الخياري كشو