أجرى وزير الخارجيّة رفيق عبد السلام أوّل أمس الجمعة بواشنطن مقابلة مع وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة هيلاري كلينتون، في ما يلي نص كلمتي الوزيرين. الوزيرة كلينتون : نواصل البحث عن الطرق لمساعدة الحكومة
طاب صباحكم. يسرني أن أرحب بوزير خارجية تونس. إنني أتطلع قدمًا إلى اجتماعنا. من الواضح أن أمامنا الكثير لمناقشته، وإنني أود أن أشكر وزير الخارجية والحكومة التونسية على جهودهما التي بذلاها خلال الأسبوع الماضي للمساعدة في تأمين سفارتنا والمدرسة التعاونية الأميركية بتونس في أعقاب الاعتداءات العنيفة يوم الجمعة الماضي.
إننا نراقب الأحداث اليوم عن كثب. وليس لدى الرئيس أوباما أو لديّ أولوية أعلى من سلامة أفراد شعبنا. لقد اتخذنا عددًا من الخطوات في جميع أنحاء العالم لزيادة الأمن وحماية موظفينا في البعثات الدبلوماسية. ونحن نعمل عن كثب مع الحكومات المضيفة في هذا الجهد.
وكما قلتُ من قبل، وكما يتجسد ذلك في اتفاقية فيينا والاتفاقات الدولية الأخرى، فإن من واجب جميع الحكومات، وهو واجب رسمي، الدفاع عن البعثات الدبلوماسية. فالبعثات الدبلوماسية يجب أن تكون أماكن آمنة ومحمية بحيث يمكن للحكومات أن تتبادل وجهات النظر وتعمل على العديد من القضايا الهامة، وعلى القادة في جميع أنحاء العالم أن يقفوا ويتحملوا المسؤولية في رفض العنف ومحاسبة الجهات التي تمارسه.
نحن نعمل بشكل وثيق مع الحكومة التونسية. وقد ساعدونا في تعزيز أمن منشآتنا ومرافقنا. كما أننا ناقشنا معهم أيضًا ضرورة تقديم المسؤولين عن هذه الهجمات العنيفة إلى العدالة. وقد قدمنا وسوف نواصل البحث عن الطرق التي يمكننا من خلالها مساعدة الحكومة الجديدة في تونس في ضمان إرساء حكم القانون في جميع أنحاء بلادهم، وأولا وقبل كل شيء لأفراد الشعب التونسي أنفسهم. ونحن نتطلع إلى مواصلة بناء شراكتنا الجديدة مع تونس، حكومة وشعبًا. لقد بُنيت علاقتنا حول مبادئ مشتركة بين جميع الديمقراطيات، متجسدة في «الالتزام بعدم العنف، وبالتسامح، وباحتضان جميع طوائف الشعب، والتمسك بسيادة القانون.»
إن الشعب التونسي وضع نفسه بشجاعة على طريق الديمقراطية. وكان أول من قام بالثورات العربية، وحقق أبناؤه تقدمًا هامًا في فترة زمنية قصيرة للغاية. وعلى مدى سنوات عديدة جدًا بذلوا جهدًا كبيرًا وضحوا تضحيات عظيمة، كي لا يروا أن التقدم الذي أحرزوه قد انتُزع منهم أو خرج عن مساره بسبب المتطرفين ذوي المآرب والمخططات الخاصة. وهؤلاء المتطرفون، ليس فقط في تونس بل في أماكن كثيرة جدًا في جميع أنحاء العالم، يبحثون عن فرص لاستغلال هذا الوضع الحالي أو أوضاع أخرى، ولذا فيجب على جميع الشعوب والقادة أن يقفوا ضدهم.
ولذلك، وفي حين تتخذ الحكومة التونسية خطوات لتعزيز الأمن وحماية الشعب والاقتصاد التونسيين من التطرف العنيف والمخططات العنفية، فإن الولاياتالمتحدة تقف على استعداد للمساعدة. كما أننا أيضًا نعمل بشكل وثيق مع تونس على التصدي إلى التهديد الأوسع للإرهاب الذي نشترك في مواجهته، بما في ذلك من جماعات مثل القاعدة والجماعات المنتسبة لها.
إذن، السيد الوزير، رجاء كونوا على يقين بأن الولاياتالمتحدة لا تزال ملتزمة بدعم تونس في حين تتعاطون مع هذا الوضع الراهن، وفي حين لا تزالون تمرون بمرحلة انتقالية ديمقراطية، ونحن نريد أن نكون معكم وأنتم تواجهون التحديات، وأن نقدم المساعدة لاغتنام الفرص معًا من أجل تحسين مستقبل تونس.
الوزير رفيق عبد السلام : نحن بصدد تفكيك الإرث الثقيل للاستبداد السياسي وإرساء الأسس لديمقراطية جديدة
شكرا لك، شكرًا لك، معالي وزيرة الخارجية، لإتاحتك لنا هذه الفرصة للاجتماع بك هنا في واشنطن. أنا حضرت إلى هنا للإعراب عن تعازي لفقدان السفير الأميركي لدى ليبيا والأعضاء الثلاثة الآخرين من طاقم الموظفين.
وجئت إلى هنا كذلك للإعراب عن أسفنا وإدانتنا الكاملة والشديدة لاجتياح السفارة الأمريكية والمدرسة (الأمريكية) في تونس يوم الجمعة الماضي. وهذا الحادث لا يعكس الصورة الحقيقية لتونس. وكديمقراطية حديثة الولادة، يعرف جميعكم أننا بصدد تفكيك الإرث الثقيل للاستبداد السياسي وإرساء الأسس لديمقراطية جديدة. وتقع على كاهلنا المسؤولية المثقلة والموسعة لإنجاح العملية الديمقرطية هذه. وأنا على يقين أنه إذا أفلحنا فإننا سنبعث برسالة إيجابية إلى المنطقة وهي أن الديمقراطية ممكنة في ذلك الجزء من العالم.
ونحن ألفنا أن نسمع ونطالع في الصحف وفي وسائل الإعلام الأخرى أن الديمقراطية اتسع نطاقها في أجزاء مختلفة من العالم فيما عدا المنطقة العربية. لكن رجائي هو أننا سنثبت في الحقيقة أن الديمقراطية ممكنة في العالم العربي ومن الممكن أن يكون هناك ديمقراطي عربي ومسلم في الوقت ذاته.
ومن ناحيتنا، اتخذنا فعلا الإجراءات الضرورية لحماية السفارة الأميركية والمدارس الأميركية وكل الحضور الدبلوماسي في تونس وأعضاء الجاليات الأجنبية. وهذا من واجبنا، وأنا متأكد أن لدينا القدرة والمقدرة على حماية كل المؤسسات الخاصة والعامة في تونس. والاستقرار، بل الاستقرار السياسي والأمن هما أولوية لنا ولصديقتنا وشريكتنا الولاياتالمتحدة. وأنا أود أن أشكرك، السيدة هيلاري، على إتاحة هذه الفرصة لنا وأتطلع قدما إلى مباحثات مثمرة وبناءة.