أحكم حمدي المدب قبضته على الترجي طيلة السنوات الماضية، ومن جهته فتح سليم الرياحي مؤخرا خزائنه وضخ المليارات في خزينة الافريقي وهو ما سيجعله يبسط نفوذه على فريق «باب الجديد». وقد أثار هذا الأمر المخاوف في صفوف أحباء الناديين على حد سواء.
أثارت سيطرة حمدي المدب وسليم الرياحي على مجرى الأحداث داخل حديقتي حسان بلخوجة ومنير القبائلي العديد من نقاط الاستفهام بحكم أن الترجي والافريقي يعتبران من الأندية التي تستمد قوتها من قاعدتها الجماهيرية وليس من اجتهادات بعض الاشخاص ويكفي أن نشير الى أن مداخيل فريق «باب الجديد» في مقابلات «الدربي» وصلت في بعض الأحيان الى 650 ألف دينار ومن جهته حقق الترجي مداخيل قياسية بفضل ترويج الاشتراكات (أكثر من 17 ألف مشترك خلال الاشهر الماضية) كما لا ننسى الصبغة الاجتماعية للترجي والافريقي بحكم أنهما ولدا من رحم المعاناة خلال عشرينيات القرن الماضي (15 جانفي 1919 و4 أكتوبر 1920) في وسط شعبي لذلك فإن جماهير الافريقي والترجي ترسخ لديها الاقتناع بأن الفريقين سيظلان قريبين من نبض الشارع والعلاقة بهما تتجاوز حبا عاديا بين محب وجمعيته الى حب أمتن وأكبر.
ما حقيقة «سطو» المدب والرياحي على الفريقين؟
أصبحت بعض الاطراف تعتقد أن المدب والرياحي يحاولان السيطرة على الترجي والافريقي وذلك استنادا الى عدّة معطيات تتمثل بالأساس في اقدام حمدي المدب على تنفيذ مشروع «مؤسسة الترجي آفاق 2019» والذي يهدف الى تحويل أعرق فريق في بلادنا الى شركة تجارية وهو ما سيجعل الاموال تتدفق بكثرة على خزينة الأصفر والأحمر وفي هذا الاطار بعث الفريق مؤخرا مغازة خاصة ببيع المعدات الرياضية وتفكر هيئة المدب في بعث عدة مشاريع أخرى (مقهى الترجي والترجي T.V. وأكاديمية لصقل المواهب الكروية وتسويقها...) ويذكر أن الفصل الثاني من قانون الجمعيات المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 لا يسمح بتكوين الجمعيات التي لها أهداف ربحية وهو ما جعل الترجي يطالب وزارة الاشراف بتنقيح هذا الفصل القانوني ليتمكن من تنفيذ مشروعه الذي وصف ب «الرائد» وبما أن الوزارة مازالت مترددة بخصوص هذا الاجراء بحكم أن الاندية التونسية غير جاهزة في الوقت الراهن الى التخلص من التبعية للبلديات والولايات وسلطة الاشراف عموما فقد وجدت هيئة المدب منفذا آخر تمثل في بعث مجموعة من الشركات التجارية المنضوية تحت لواء فريق «باب سويقة» وبامكان المنخرطين في الترجي أن تكون لهم أسهم في هذه الشركات (إدارة الترجي اتخذت جملة من الاجراءات التي تحدد الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الأشخاص المساهمين في هذه الشركات)، أما بخصوص حمدي المدب فإنه سيكون مساهما في هذه الشركات شأنه شأن بقية المساهمين فيها وبما أن الترجي حدد سقفا معينا لأسهم كل فرد فإن المدب لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يسيطر على الفريق خاصة إذا عرفنا أنه من حق ثلثي المنخرطين الذين انتخبوا المدب على رأس الأصفر والأحمر الدعوة الى عقد جلسة عامة استثنائية في صورة وجود اخلالات معيّنة (هذا الأمر ينسحب أيضا على جماهير الافريقي وذلك حسب ما ينظمه القانون الداخلي للفرق) وهو أمر مستبعد جدا ومن المؤكد أن هذا الحق الذي كفله القانون سيبعث الاطمئنان في نفوس أحباء الترجي والافريقي اللذين لن يتحولا مطلقا الى فريقين على ملكية بعض الاشخاص كما هو الشأن في عدة بطولات أخرى.
لا خوف من أعوان الحراسة
استنجدت ادارة الافريقي مؤخرا بأعوان حراسة (8 أفراد حسب المسير التنفيذي للافريقي) وهم من أصحاب العضلات المفتولة وقد اختلفت الآراء بخصوص هذا الاجراء إذ يعتقد بعض الأطراف أن هذا القرار جاء في الوقت المناسب لقطع الطريق على المتمعشين وأصحاب النوايا السيئة الذين يريدون عرقلة عمل الادارة الجديدة وإثارة الشغب كما حدث خلال الأيام الماضية كما أن هذا الاجراء سيوفر الأمن للاعبين الشبان والمدربين الذين واجهوا الامرين جراء بعض التجاوزات التي تقوم بها فئة من أولياء اللاعبين الشبان (تذكروا ما حدث أثناء فترة اشراف لويغ على الادارة الرياضية للنادي) وفي المقابل يعتقد بعض الأطراف الأخرى أن هذا القرار جاء لابعاد الجمهور عن الفريق ويبدو أن هذه الاطراف مازالت تصرّ على تطبيق القولة التي مفادها: «حكم فعدل فأمن فنام...» أي أن الرياحي مطالب حسب ما ذهبت اليه بحسن تسيير الفريق فحسب لأنه لو نجح في ذلك فإن النادي لن يحتاج الى من يوفر له الأمن مطلقا في حديقته غير أن القانون جاء ليبدد مخاوف هذه الأطراف من إقدام الافريقي على اتخاذ مثل هذا الاجراء حيث بامكان أبناء الفريق التقدم بشكوى جزائية في صورة وجود تجاوزات من قبل أعوان الحراسة.
أمر مستبعد
مسألة أخرى أثارت مخاوف جماهير الترجي والافريقي بخصوص سيطرة المدب والرياحي على الفريقين وتتمثل في الأموال الطائلة التي وضعها الرجلان على ذمّة الناديين
فهل أن هذا المال في شكل هبة أو دين؟
فإذا كان هبة فلا يمكن للمدب أو الرياحي استرجاعه وأما إذا منح أحدهما هذا المال الى فريقه في شكل دين (من خلال وثيقة كتابية تسجل في محضر الجلسات) فإنه بامكانه المطالبة بالحصول عليه في وقت لاحق بل إن القانون يخول له القيام بعقلة على النادي وهو أمر مستبعد جدا بحكم أن رؤساء الفرق عادة ما يستفيدون بطريقة مباشرة من خلال الاشهار المجاني والخصم في الضرائب.
التبعية متواصلة
من جهة أخرى وعد المدب والرياحي بتحقيق الاستقلالية المادية للترجي والافريقي ولكن ذلك لا يعني أبدا أنهما سيتخلصان من التبعية لبعض الجهات المعينة فالترجي والافريقي يتحصلان على المنح من قبل وزارة الشباب والرياضة كما أن بلدية تونس تتكفل بمصاريف الصيانة داخل الحديقتين «أ» و«ب».