رغم ما تتميز به ولاية قابس من خصوصيات طبيعية وجغرافية تساعدها على بعث قطب سياحي فقد فضل أصحاب القرار السياسي خلال السبعينات عدم تمكين الجهة من تحقيق هذا الحلم الواعد لإعتبارات جهوية والتبجّح بتحقيق التوازن الجهوي المزيف. وكان السعي إلى إحداث مؤسسات صناعية من شأنها أن تساهم في إمتصاص ظاهرة البطالة دون التفكير فيما تفرزه هذه الأقطاب الصناعية من تلوث يضر بالإنسان والبيئة وبعد مرور أكثر من ثلاثين سنة على استغلال المنطقة الصناعية ظهرت مشاكل التلوث الهوائي المنبعث من مداخن الوحدات الكيميائية كغاز الأمونياك وشكل أيضا منذ سنوات قليلة ماضية إستخدام الفحم الحجري كطاقة بديلة عن الكهرباء عنصرا إضافيا لتنويع التلوث الهوائي بالجهة فكانت من ضحاياه مدينة غنوش بالخصوص. وتتصدر غنوش هذه المدينة الساحلية التي يصل عدد سكانها إلى أكثر من 30 ألف نسمة أولى المناطق المنتجة للخضر في إقليم الجنوب الشرقي كما تستقطب هذه المدينة أعدادا هامة من المواطنين من داخل الجهة بالخصوص لإقتناء حاجياتهم الضرورية من الخضر والأسماك على مدى السنة ويتطلع متساكنوها إلى لفتة جدية من الحكومة لتمكينها من ملامسة تنمية محلية واعدة في عديد القطاعات. الشروق إلتقت بعدد من المواطنين لرصد انطباعاتهم حول واقع معتمدية غنوش التنموي والوقوف على مشاغلهم اليومية والتعرف على طموحاتهم.فكانت أولى مصافحاتنا مع السيد إبراهيم حجاج (رئيس جمعية البوابة للبدائل التنموية بغنوش) الذي أكد أنه رغم أهمية دورها الإقتصادي والتجاري وما توفرت بها من مقومات ومميزات طبيعية على غرار الواحة والشاطئ فإن غنوش مازالت تعيش على وقع التهميش والنسيان في مجال الخدمات بالخصوص إلى جانب التنمية المحلية فلاحظ إنعدام توفر فروع للمصالح الحيوية على غرار الستاغ والصوناد والتجهيز وغيرها وضعف تدفق مياه الحنفية فرغم التوسع العمراني لم تشهد شبكة الماء الصالح للشراب إدخال أشغال صيانة منذ تركيزها سنة 1974 بالإضافة إلى تواضع الخدمات الصحية والرصيد العقاري للبلدية مما ساهم في خلق إشكالية كبرى أمام تركيز المشاريع وتساءل محدثنا عن أسباب تأخير إنطلاق مشروع الغاز المنزلي رغم قرب غنوش للمنطقة الصناعية ودعا ضيفنا إلى الإسراع بتركيز شبكة التطهير بحي الكدوة الذي يضم حوالي 300 مسكن وربط منازل حي الرمال بالشبكة كما اقترح إحداث مركزي بريد بكل من حي التحرير المنتصب بالمدخل الغربي لغنوش وحي الرمال للتخفيف عن الضغط المسجل يوميا على مكتب البريد الوحيد بوسط المدينة والذي لم تعد تتماشى خدماته مع التطور الديمغرافي الذي تشهده المنطقة وأكد أيضا ضرورة القيام بأشغال توسعة وصيانة الطريق المحلية رقم 934 الرابطة بين بوشمة وغنوش عبر حي البسبوسة بالمدخل الجنوبي وتركيز ميناء للصيد البحري نظرا لعراقة أهالي غنوش في هذا القطاع حيث تشكل نسبة العاملين من أبنائها حوالي 80 بالمائة في الجهة. وفي المجال الصحي أشار محدثنا إلى أهمية الإسراع بتجهيز قسمي الطب الإستعجالي والتصوير بالأشعة الطبية وتجديد أسطول نقل المرضى وتوسعة مخبر التحاليل الطبية ودعم الإطار الشبه طبي وتوفير أدوية الأمراض المزمنة بكميات تتماشى مع عدد المرضى المسجلين بالمؤسسة الصحية.
وأبرز السيد هشام حجاج أن مشكلة التلوث تتصدر مشاغل أهالي غنوش القائمة وطالب السلط المعنية بضرورة إيلائها إهتماما جديا من شأنه أن تراعى فيه سلامة المواطنين ومحيطهم.وأكد أن غياب الفضاءات الترفيهية للأطفال والشباب يساعد على خلق الإنحراف الأخلاقي في صفوف هذه الشريحة وطالب بضرورة مراجعة وضعية محطة التاكسيات وإحداث محطة لمسافري القطارات . كما لاحظ أيضا الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في اليوم الواحد مما يشل الحركة الإقتصادية ويعطل الخدمات الإدارية بالخصوص ومن جانبه وأكد السيد محمد كروف أن الإستغلال المفرط في إستخدام رمال الشاطئ في النشاط الفلاحي دون رقابة وأمام مرأى الجميع يساهم في التأثير على جمالية هذا الفضاء الطبيعي وطالب بالنظر في وضعية الانتصاب الفوضوي للباعة داخل السوق البلدية والشوارع المجاورة لها نظرا لاستحواذ هؤلاء التجار على جانب مهم من وسط الطرقات.كما دعا إلى الحد من الزحف العمراني على المنطقة الفلاحية المحيطة بالمدينة نظرا لأهمية دور المساحات الخضراء في التوازن البيئي والمساهمة في جمالية المدينة أيضا فيما أبدى السيد عبدالسلام حجاج تذمره من وضعية الطرقات داخل المنطقة البلدية بغنوش مما يتوجب إدخال أشغال صيانتها استجابة لما تشهده المدينة من تطور عمراني وحركة تجارية هامة كما دعا محدثنا أيضا إلى ضرورة إعطاء غنوش الأولوية في التشغيل نظرا لما لحق المنطقة ومتساكنيها من أضرار متعددة ناجمة عن تأثيرات ما تفرزه المنطقة الصناعية من مواد ضارة بصحة المواطن والبيئة.