بالتزامن مع دعوة السلطات المالية مجلس الامن إلى التدخل العسكري في مالي لتحرير البلاد من قبضة القاعدة بدأت حرب باردة بين باريس مدعومة سياسيا من واشنطن - من جانب والمحور الصيني الروسي حول حيثيات التدخل في مالي. استبقت واشنطن عملية التدخل العسكري «الوشيك» لقوات إفريقية بدعم مباشر من فرنسا في شمال مالي، بإرسالها قائد قوات «أفريكوم» الجنرال كارتر هام إلى الجزائر، باعتبار أن الجزائر باتت تمثل الرقم الصعب في المعادلة المالية، زيادة على تقاسمهما لنفس مقاربة الحل تقريبا.
وتأتي هذه الزيارة الثانية في ظرف خمسة أشهر، لبحث تداعيات تدخل عسكري وشيك في المنطقة تقوده فرنسا، علما أن مواقف واشنطن المعلنة، والمتأثرة بما وقع لها في العراق وأفغانستان، لا تفضل حلا عسكريا وتفضل حلا سياسيا، وهو ما تدعو إليه الجزائر، التي ترفض بالمطلق أي تدخل عسكري أجنبي، وخاصة إذا ما تعلق الأمر بالتدخل الفرنسي على حدودها الجنوبية.
وكان الجنرال كارتر هام قد أكد في مناسبات سابقة، أنه «إذا كانت منظمة «سيداو» ترى ضرورة الحل العسكري لحل الأزمة في شمال مالي، فإن هذا الدور ينبغي أن يكون جنبا إلى جنب مع الدور السياسي»، مضيفا أن «التحديات الموجودة في مالي يجب أن تحل أولا على المستوى السياسي، مع الأخذ بعين الاعتبار النواحي الإنسانية». وتحت ضغوط واضحة من الإيليزيه، كانت باماكو قد أعلنت في 23 من سبتمبر الجاري، توقيعها لاتفاق يسمح بالتدخل العسكري لدول غرب إفريقيا لدعم الجيش المالي لاستعادة الشمال المالي الذي يقع تحت سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة منذ ستة أشهر.
بدورها , شرعت الجزائر في الترويج لموقفها الرافض لتدويل الأزمة المالية، لدى القوى العظمى، تحسبا لإعادة طرح القضية مجددا على مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الجاري، من قبل فرنسا، التي فشلت في وقت سابق في الحصول على تفويض أممي للتدخل العسكري في مالي.
فقد التقى وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، على هامش الدورة 67 للجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدةبنيويورك، بكل من الوزير الروسي للشؤون الخارجية سيرغي لافروف، والصيني يانغ يي شي، وتطرقت المحادثات، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية، إلى الوضع في منطقة الساحل ومالي التي تعيش على وقع أزمة أمنية وإنسانية.
وإن لم تكشف الوكالة عن ما دار في المباحثات خلف الجدران، إلا أن طرح القضية المالية للنقاش بين الجزائر والدولتين العظميين، يعني دراسة وبحث السبل التي يمكن أن تؤدي للخروج بموقف مشترك، لمواجهة الداعين إلى تدويل الأزمة المالية، سيما بعد استعمال كل من روسيا والصين لحق النقض «الفيتو»، في إفشال محاولات الداعين للتدخل العسكري في سوريا تحت غطاء الأممالمتحدة.
ويتفق الموقفان الروسي والصيني، بشأن الأزمة في مالي، مع الموقف الجزائري، الذي يرى ضرورة مساعدة الأطراف المتنازعة على حل مشاكلهم الداخلية عن طريق الحوار، بعيدا عن أي توظيف للقوة أو الاستقواء بأطراف أجنبية، لاستعادة سلامة الوحدة الترابية لمالي.
وتزامنت المباحثات الجزائرية الروسية، والجزائرية الصينية، مع إعلان وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، التحضير لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، الأسبوع الداخل، قد يخصص للوضع في مالي، في خطوة أعقبت طلب حكومة باماكو تدخلا عسكريا أجنبيا في المناطق الشمالية، الواقعة تحت سيطرة حركات إسلامية مسلحة. وقال فابيوس لقناة تلفزيونية فرنسية من نيويورك «نأمل أن يعقد الأسبوع المقبل اجتماع لمجلس الأمن يسمح بالمُضي قدما» في الأزمة المالية، وأضاف «دعونا منذ أسابيع عدة إلى القيام بخطوات سريعة لأنه ما دام المجتمع الدولي لا يتحرك فإن هؤلاء الإرهابيين يعززون صفوفهم».